فيقاس ذلك على ما أذن فيه، وقد رد السبكي على ابن تيمية؛ لأنه لا يتجرأ على الجناب الرفيع إلا بما أذن فيه، وما لم يأذن إلا الصلاة عليه، وسؤال الوسيلة بأن عمر ﵁ كان يعتمر عن النبي ﷺ عمرًا بعد موته من غير وصية، وحكى في الإحياء عن علي بن الموفق في طبقة الجنيد أنه حج عن النبي ﷺ حججًا، وعدها القضاعي سبعين حجة، وعن محمد بن إسحاق النيسابوري أنه ختم عن النبي ﷺ أكثر من عشرة آلاف ختمة، وضحى عنه مثل ذلك. أ. هـ.
فالظاهر أن مستند هؤلاء إنما هو القياس على ما ورد، وقد تمسك بعض الناس أيضًا بكلام ابن تيمية السابق في أنه لا يجوز أن يقال في حق النبي ﷺ زاده الله شرفًا، وقد وقع في كلام النووي، حيث قال: في خطبة كتابته المنهاج وزاده فضلًا وشرفًا لديه، ومواهب الله لا تتناهى فيسأل له ذلك فيقاس على ما أذن له فيه. وفي خطبة الرسالة لإمامنا الشافعي ﵁ ما نصهُّ: محمد عبده ورسوله ﷺ ورحم وكرم. وفي. . . حديث لا تنساني يا أخي من دعائك، وقول بعضهم: إنه لا يجوز سؤال الرحمة له ﷺ إلا مقرونة بالصلاة والسلام عليه، نسبه القاضي عياض في
الإكمال للجمهور، ويعارضه إقرار النبي ﷺ للأعرابي على قوله كما في الصحيحين: اللهم ارحمني ومحمدًا، والله تعالى أعلم.
ويقال في جواب القرافي: تكفير ليس بقطعي، عامًا تقدم عن الحنفية وابن عطية، فمراد هذا الداعي تحقيق هذا الأمر المضنون، أو يقال: قد قرر القرافي أن المصاب إذا سخط فقد يعود الذي كفر بالمعصية بما أخف من السخط، فمعنى قول الداعي: جعل الله هذه المصيبة كفارة؛ أي محققة لا يقارنها ما يكون سببًا في عود ما ذكر بأن يغفر لك؛ أو كفارة لما يقع منك بعد ذلك؛ لأنّ قدرة الله صالحة لذلك، فيجوز سؤاله إياه، أو يقال المراد من التكفير في قوله كفارة التعظيم والتكثير، فإنَّ المقام يرشد إليه فليس ذلك من الدعاء بتحصيل حاصل على ما قررناه ضعف ما ذكره القرافي في آخر قواعده من أنه لا يجوز أن يقال: اللهم اغفر للمسلمين جميع ذنوبهم؛ لأنهم لابد من دخول طائفة منهم النار، وأما قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن
1 / 193