بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي العزة والأفضال، والجود والنوال، أحمده على ما خص وعم من نعمه، وأستعينه على أداء فرائضه، وأسأله الصلاة على خاتم رسله.
أما بعد فإنه لا بد لمن أراد معرفة الديانات والتمييز بينها من معرفة المذاهب والمقالات، ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات، ويصنفون في النحل والديانات، من بين مقصر فيما يحكيه، وغالط فيما يذكره من قول مخالفيه، ومن بين معتمد للكذب في الحكاية إرادة التشنيع على من يخالفه ومن بين تارك للتقصي في روايته لما يرويه من اختلاف المختلفين ومن بين من يضيف إلى قول مخالفيه ما يظن أن الحجة تلزمهم به وليس هذا سبيل الربانيين ولا سبيل الفطناء المميزين، فحداني ما رأيت من ذلك على شرح ما التمست شرحه من أمر المقالات واختصار ذلك وترك الإطالة والإكثار وأنا مبتدئ شرح ذلك بعون الله وقوته.
اختلف الناس بعد نبيهم ﷺ في أشياء كثيرة ضلل
1 / 1
فيها بعضهم بعضًا وبرئ بعضهم من بعض فصاروا فرقًا متباينين، وأحزابًا متشتتين، إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم.
وأول ما حدث من الاختلاف بين المسلمين بعد نبيهم ﷺ اختلافهم في الإمامة وذلك أن رسول الله ﷺ لما قبضه الله ﷿ ونقله إلى جنته ودار كرامته اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة بمدينة الرسول ﷺ وأرادوا عقد الإمامة لسعد بن عبادة وبلغ ذلك أبا بكر وعمر رضوان الله عليهما فقصدا نحو مجتمع الأنصار في رجال من المهاجرين فأعلمهم أبو بكر أن الإمامة لا تكون إلا في قريش واحتج عليهم بقول النبي ﷺ: الإمامة في قريش فأذعنوا لذلك منقادين، ورجعوا إلى الحق طائعين، بعد أن قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير وبعد أن جرب الحباب بن المنذر سيفه
وقال: أنا جذيلها المحكك وعديقها المرجب من يبارزني بعد أن قام قيس بن سعد بنصرة أبيه سعد بن عبادة حتى قال عمر بن الخطاب في شأنه ما قال، ثم بايعوا أبا بكر رضوان الله عليه واجتمعوا على إمامته واتفقوا على خلافته وانقادوا لطاعته فقاتل أهل الردة على ارتدادهم كما قاتلهم رسول الله ﷺ على كفرهم فأظهره الله ﷿
1 / 2
عليهم أجمعين، ونصره على جملة المرتدين، وعاد الناس إلى الإسلام أجمعين، وأوضح الله به الحق المبين، وكان الاختلاف بعد الرسول ﷺ في الإمامة ولم يحدث خلاف غيره في حياة أبي بكر رضوان الله عليه وأيام عمر إلى أن ولي عثمان بن عفان رضوان الله عليه وأنكر قوم عليه في آخر أيامه أفعالًا كانوا فيما نقموا عليه من ذلك مخطئين، وعن سنن المحجة خارجين، فصار ما أنكروه عليه اختلافًا إلى اليوم، ثم قتل رضوان الله عليه وكانوا في قتله مختلفين، فأما أهل السنة والاستقامة فإنهم قالوا: كان رضوان الله عليه مصيبًا في أفعاله قتله قاتلوه ظلمًا وعدوانًا، وقال قائلون بخلاف ذلك، وهذا اختلاف بين الناس إلى اليوم.
ثم بويع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فاختلف الناس في أمره فمن بين منكر لإمامته ومن بين قاعد عنه ومن بين قائل بإمامته معتقد لخلافته، وهذا اختلاف بين الناس إلى اليوم.
ثم حدث الاختلاف في أيام علي في أمر طلحة والزبير رضوان الله عليهما وحربهما إياه وفي قتال معاوية إياه وصار علي ومعاوية إلى صفين وقاتله علي حتى انكسرت سيوف الفريقين ونصلت رماحهم وذهبت قواهم وجثوا على الركب فوهم بعضهم على بعض فقال معاوية لعمرو بن العاص: يا عمرو ألم تزعم أنك لم تقع في أمر فظيع فأردت الخروج
1 / 3
منه إلا خرجت قال: بلى قال: فما المخرج مما نزل قال له عمرو بن العاص: فلي عليك أن لا تخرج مصر من يدي ما
بقيت قال: لك ذلك ولك به عهد الله وميثاقه قال: فأمر بالمصاحف فترفع ثم يقول أهل الشام لأهل العراق: يا أهل العراق كتاب الله بيننا وبينكم البقية البقية فإنه إن أجابك إلى ما تريده خالفه أصحابه وإن خالفك خالفه أصحابه وكان عمرو بن العاص في رأيه الذي أشار به كأنه ينظر إلى الغيب من وراء حجاب رقيق فأمر معاوية أصحابه برفع المصاحف وبما أشار به عليه عمرو بن العاص ففعلوا ذلك فاضطرب أهل العراق على علي رضوان الله عليه وأبوا عليه إلا التحكيم وأن يبعث علي حكمًا ويبعث معاوية حكماُ فأجابهم علي إلى ذلك بعد امتناع أهل العراق عليه أن لا يجيبهم إليه فلما أجاب علي إلى ذلك وبعث معاوية وأهل الشام عمرو بن العاص حكمًا وبعث علي وأهل العراق أبا موسى حكمًا وأخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق اختلف أصحاب علي عليه وقالوا: قال الله تعالى: فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ولم يقل حاكموهم وهم البغاة فإن عدت إلى قتالهم وأقررت على نفسك بالكفر إذ أجبتهم إلى التحكيم وإلا نابذناك وقاتلناك فقال علي رضوان الله عليه: قد أبيت عليكم في أول الأمر فأبيتم إلا إجابتهم إلى ما سألوا فأجبناهم وأعطيناهم العهود والمواثيق وليس يسوغ لنا الغدر فأبوا إلا خلعه وإكفاره بالتحكيم وخرجوا عليه فسموا خوارج لأنهم
1 / 4
خرجوا على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وصار اختلافًا إلى اليوم، وسنذكر أقاويل الخوارج بعد هذا الموضع من كتابنا.
هذا ذكر الاختلاف
اختلف المسلمون عشرة أصناف: الشيع والخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية والضرارية والحسينية والبكرية والعامة وأصحاب الحديث والكلابية أصحاب عبد الله بن كلاب القطان.
مقالات الشيع
فالشيع ثلاثة أصناف وإنما قيل لهم الشيعة لأنهم شيعوا عليًا رضوان الله عليه ويقدمونه على سائر أصحاب رسول الله ﷺ
فمنهم الغالية وإنما سموا الغالية لأنهم غلوا في علي وقالوا فيه قولًا عظيمًا وهم خمس عشرة فرقة:
فالفرقة الأولى منهم البيانية أصحاب بيان بن سمعان التميمي يقولون أن الله ﷿ على صورة الإنسان وأنه يهلك كله إلا وجهه وادعى بيان أنه يدعو الزهرة فتجيبه وأنه يفعل ذلك بالاسم الأعظم فقتله خالد بن عبد الله القسري، وحكي عنهم أن كثيراُ منهم يثبت لبيان بن
1 / 5
سمعان النبوة، ويزعم كثير من البيانية أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية نص على إمامة بيان بن سمعان ونصبه إمامًا.
والفرقة الثانية منهم أصحاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين، يزعمون أن عبد الله بن معاوية كان يدعي أن العلم ينبت في قلبه كما ينبت الكمأة والعشب وأن الأرواح تناسخت وأن روح الله جل اسمه كانت في آدم ثم تناسخت حتى صارت فيه، قال: وزعم أنه رب وأنه نبي فعبده شيعته، وهم يكفرون بالقيامة ويدعون أن الدنيا لا تفنى ويستحلون الميتة والخمر وغيرهما من المحارم ويتأولون قول الله ﷿: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا.
والفرقة الثالثة منهم أصحاب عبد الله بن عمرو بن حرب وهم يسمون الحربية يزعمون أن روح أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية تحولت فيه وأن أبا هاشم نص على إمامته.
والفرقة الرابعة منهم المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد يزعمون
1 / 6
أنه كان يقول أنه نبي وأنه يعلم اسم الله الأكبر، وأن معبودهم رجل من نور على رأسه تاج وله من الأعضاء والخلق مثل ما للرجل وله جرف وقلب تنبع منه الحكمة وأن
حروف أبي جاد على عدد أعضائه قالوا: والألف موضع قدمه لاعوجاجها وذكر الهاء فقال: لو رأيتم موضعها منه لرأيتم أمرًا عظيمًا يعرض لهم بالعورة وبأنه قد رآه لعنه الله، وزعم أنه يحيي الموتى بالاسم الأعظم وأراهم أشياء من النيرنجات والمخاريق، وذكر لهم كيف ابتدأ الله الخلق فزعم أن الله جل اسمه كان وحده لا شيء معه فلما أراد أن يخلق الأشياء تكلم باسمه الأعظم فطار فوقع فوق رأسه التاج قال: وذلك قوله: سبح اسم ربك الأعلى قال: ثم كتب بإصبعه على كفه أعمال العباد من المعاصي والطاعات فغضب من المعاصي فعرق فاجتمع من عرقه بحران أحدهما مالح مظلم والآخر نير عذب ثم اطلع في البحر فأبصر ظله فذهب ليأخذه فطار فانتزع عين ظله فخلق منها شمسًا ومحق ذلك الظل وقال: لا ينبغي أن يكون معي إله غيري ثم خلق الخلق كله من البحرين فخلق الكفار من البحر المالح المظلم وخلق
1 / 7
المؤمنين من النير العذب، وخلق ظلال الناس فكان أول من خلق منها محمدًا ﷺ قال: وذلك قوله: قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ثم أرسل محمدًا إلى الناس كافة وهو ظل ثم عرض على السموات أن يمنعن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فأبين ثم على الأرض والجبال فأبين ثم على الناس كلهم فقام عمر بن الخطاب إلى أبي بكر فأمره أن يتحمل منعه وأن يغدر به ففعل ذلك أبو بكر وذلك قوله: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال قال: وقال عمر: أنا أعينك على علي لتجعل لي الخلافة بعدك وذلك قوله: كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر والشيطان عنده عمر، وزعم أن الأرض تنشق عن الموتى فيرجعون إلى الدنيا، فبلغ خبره خالد بن عبد الله فقتله.
قال: وكان جابر الجعفي من أصحابه وأنزله أصحاب المغيرة بمنزلة المغيرة ومات جابر وادعى وصيته بكر الأعور الهجري القتات فصيروه إمامًا وقالوا إنه
لا يموت فأكل أموالهم، وكان المغيرة يأمرهم بانتظار محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي
1 / 8
طالب وذكر لهم أن جبريل وميكائيل ﵉ يبايعانه بين الركن والمقام ويحيي له سبعة عشر رجلًا يعطى كل رجل منهم كذا وكذا حرفًا من الاسم الأعظم فيهزمون الجيوش ويملكون الأرض، فلما خرج محمد وقتل قال بعض أصحاب المغيرة: لم يكن الخارج محمد بن عبد الله وإنما كان شيطانًا تمثل في صورته وأن محمدًا سيخرج ويملك على ما قال المغيرة، وبرئ بعضهم من المغيرة.
والفرقة الخامسة منهم المنصورية أصحاب أبي منصور يزعمون أن الإمام بعد أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي أبو منصور وأن أبا منصور قال: آل محمد هم السماء والشيعة هم الأرض وأنه هو الكسف الساقط من بني هاشم، وأبو منصور هذا رجل من بني عجل، وزعم أبو منصور أنه عرج به إلى السماء فمسح معبوده رأسه بيده ثم قال له: أي بني اذهب فبلغ عني ثم نزل به إلى الأرض، ويمين أصحابه إذا حلفوا أن يقولوا: ألا والكلمة، وزعم أن عيسى أول من خلق الله من خلقه ثم علي وأن رسل الله سبحانه لا تنقطع أبدًا، وكفر بالجنة والنار وزعم أن الجنة رجل وأن النار رجل،
1 / 9
واستحل النساء والمحارم وأحل ذلك لأصحابه وزعم أن الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر والميسر وغير ذلك من المحارم حلال وقال: لم يحرم الله ذلك علينا ولا حرم شيئًا تقوى به أنفسنا وإنما هذه الأشياء أسماء رجال حرم الله سبحانه ولا يتهم وتأول في ذلك قوله تعالى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا وأسقط الفرائض وقال: هي أسماء رجال أوجب الله ولا يتهم، واستحل خنق المنافقين وأخذ أموالهم، فأخذه يوسف بن عمر الثقفي والي العراق في أيام بني أمية فقتله.
والفرقة السادسة منهم الخطابية أصحاب أبي الخطاب بن أبي زينب، وهم خمس
فرق كلهم يزعمون أن الأيمة أنبياء محدثون ورسل الله وحججه على خلقه لا يزال منهم رسولان واحد ناطق والآخر صامت فالناطق محمد ﷺ والصامت علي بن أبي طالب فهم في الأرض اليوم طاعتهم مفترضة على جميع الخلق يعلمون ما كان وما هو كائن، وزعموا أن أبا الخطاب نبي وأن أولئك الرسل فرضوا
1 / 10
عليهم طاعة أبي الخطاب وقالوا: الأيمة آلهة وقالوا: ولد الحسين أبناء الله وأحباؤه ثم قالوا ذلك في أنفسهم وتأولوا قول الله تعالى: فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين قالوا: فهم آدم ونحن ولده، وعبدوا أبا الخطاب وزعموا أنه إله، وزعموا أن جعفر بن محمد إلههم أيضًا إلا أن أبا الخطاب أعظم منه وأعظم من علي، وخرج أبو الخطاب على أبي جعفر فقتله عيسى بن موسى في سبخة الكوفة، وهم يتدينون بشهادة الزور لموافقيهم.
والفرقة الثانية من الخطابية وهي الفرقة السابعة من الغالية يزعمون أن الإمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له معمر وعبدوه كما عبدوا أبا الخطاب، وزعموا أن الدنيا لا تفنى وأن الجنة ما يصيب الناس من الخير والنعمة والعافية وأن النار ما يصيب الناس من خلاف ذلك، وقالوا بالتناسخ وأنهم لا يموتون ولكن يرفعون بأبدانهم إلى الملكوت وتوضع للناس أجساد شبه أجسادهم، واستحلوا الخمر والزنا واستحلوا سائر المحرمات ودانوا بترك الصلاة، وهم يسمون المعمرية ويقال أنهم يسمون العمومية.
1 / 11
والفرقة الثالثة من الخطابية وهي الثامنة من الغالية يقال لهم البزيغية أصحاب بزيغ بن موسى يزعمون أن جعفر بن محمد هو الله وأنه ليس بالذي يرون وأنه تشبه للناس بهذه الصورة، وزعموا أن كل ما يحدث في قلوبهم وحي وأن كل مؤمن يوحى إليه وتأولوا في ذلك قول الله تعالى: وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله أي بوحي من الله وقوله: وأوحى ربك إلى النحل و: إذا أوحيت إلى
الحواريين، وزعموا أن منهم من هو خير من جبريل وميكائيل ومحمد، وزعموا أنه لا يموت منهم أحد وأن أحدهم إذا بلغت عبادته رفع إلى الملكوت، وادعوا معاينة أمواتهم وزعموا أنهم يرونهم بكرة وعشية.
والفرقة الرابعة من الخطابية وهي التاسعة من الغالية يقال لهم العميرية أصحاب عمير بن بيان العجلي وهذه الفرقة تكذب من قال منهم أنهم لا يموتون ويزعمون أنهم يموتون ولا يزال خلف منهم في الأرض أيمة أنبياء، وعبدوا جعفرًا كما عبده اليعمريون وزعموا أنه
1 / 12
ربهم وقد كانوا ضربوا خيمة في كناسة الكوفة ثم اجتمعوا إلى عبادة جعفر، فأخذ يزيد بن عمر بن هبيرة عمير بن البيان فقتله في الكناسة وحبس بعضهم.
والفرقة الخامسة من الخطابية وهي العاشرة من الغالية يقال لهم المفضلية لأن رئيسهم كان صيرفيًا يقال له المفضل يقولون بربوبية جعفر كما قال غيرهم من أصناف الخطابية وانتحلوا النبوة والرسالة وإنما خالفوا في البراءة من أبي الخطاب لأن جعفرًا أظهر البراءة منه فجميع من أخرج الأمر من بني هاشم من الإمامية الذين يقولون بالنص على علي وادعى الأمر لنفسه ستة: عبد الله بن عمرو بن حرب الكندي وبيان بن سمعان التميمي والمغيرة بن سعيد وأبو منصور والحسن بن أبي منصور وأبو الخطاب الأسدي وزعم أبو الخطاب أنه أفضل من بني هاشم.
وقد قال في عصرنا هذا قائلون بالبهية سلمان الفارسي.
وفي النساك من الصوفية من يقول بالحلول وأن البارئ يحل في الأشخاص وأنه جائز أن يحل في إنسان وسبع وغير ذلك من الأشخاص، وأصحاب هذه المقالة إذا أرادوا شيئًا يستحسنونه قالوا: لا ندري لعل الله
1 / 13
حال فيه ومالوا إلى اطراح الشرائع وزعموا أن الإنسان ليس عليه فرض ولا يلزمه عبادة إذا وصل إلى معبوده.
والصنف الحادي عشر من أصناف الغالية يزعمون أن روح القدس - هو الله ﷿ كانت في النبي ﷺ ثم في علي ثم في الحسن ثم في الحسين ثم في علي بن الحسين ثم في محمد بن علي ثم في جعفر بن محمد بن علي ثم في موسى بن جعفر ثم في علي بن موسى بن جعفر ثم في محمد بن علي بن موسى ثم في علي بن محمد بن علي بن موسى ثم في الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى ثم في محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي وهؤلاء آلهة عندهم كل واحد منهم إله على التناسخ والإله عندهم يدخل في الهياكل.
والصنف الثاني عشر من أصناف الغالية يزعمون أن عليًا هو الله ويكذبون النبي ﷺ ويشتمونه ويقولون أن عليًا وجه به ليبين أمره فادعى الأمر لنفسه.
والصنف الثالث عشر من أصناف الغالية هم أصحاب الشريعي يزعمون أن الله حل في خمسة أشخاص: في النبي وفي علي وفي الحسن وفي الحسين وفي فاطمة فهؤلاء آلهة عندهم، وليس يطعن أصحاب
1 / 14
الشريعي على النبي ﷺ ولا يقولون عنه ما حكيناه عن الصنف الذي ذكرناه قبلهم وقالوا: لهذه الأشخاص الخمسة التي حل فيها الإله خمسة أضداد فالأضداد أبو بكر وعمر عثمان ومعاوية وعمرو بن العاص، وافترقوا في الأضداد على مقالتين: فزعم بعضهم أن الأضداد محمودة لأنه لا يعرف فضل الأشخاص الخمسة إلا بأضدادها فهي محمودة من هذا الوجه، وزعم بعضهم أن الأضداد مذمومة وأنها لا تحمد بحال من الأحوال، وحكي أن الشريعي كان يزعم أن البارئ ﷻ يحل فيه، وحكي أن فرقة من الرافضة يقال لهم النميرية أصحاب النميري يقولون أن البارئ كان حالًا في النميري.
والصنف الرابع عشر من أصناف الغالية وهم السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ يزعمون أن عليًا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا وذكروا عنه أنه قال لعلي ﵇: أنت أنت، والسبائية يقولون بالرجعة وأن الأموات يرجعون إلى الدنيا، وكان السيد الحميري يقول برجعة الأموات وفي ذلك يقول:
إلى يوم يؤب الناس فيه ... إلى دنياهم قبل الحساب
1 / 15
والصنف الخامس عشر من أصناف الغالية يزعمون أن الله ﷿ وكل الأمور وفوضها إلى محمد ﷺ وأنه أقدره على خلق الدنيا فخلقها ودبرها وأن الله سبحانه لم يخلق من ذلك شيئًا، ويقول ذلك كثير منهم في علي، ويزعمون أن الأيمة ينسخون الشرائع ويهبط عليهم الملائكة وتظهر عليهم الأعلام والمعجزات ويوحى إليهم.
ومنهم من يسلم على السحاب ويقول إذا مرت سحابة به أن عليًا رضوان الله عليه فيها وفيهم يقول بعض الشعراء:
برئت من الخوارج لست منهم ... من الغزال منهم وابن باب
ومن قوم إذا ذكروا عليًا ... يردون السلام على السحاب
والصنف الثاني من الأصناف الثلاثة التي ذكرنا بأن الشيعة يجمعها ثلاثة أصناف وهم الرافضة وإنما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر وهم مجمعون على أن النبي ﷺ نص على استخلاف علي بن أبي طالب باسمه وأظهر ذلك وأعلنه وأن أكثر الصحابة ضلوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاة النبي ﷺ وأن الإمامة لا تكون
1 / 16
إلا بنص وتوقيف وأنها قرابة وأنه جائز للإمام في حال التقية أن يقول أنه ليس بإمام، وأبطلوا جميعًا الاجتهاد في الأحكام، وزعموا أن الإمام لا يكون إلا أفضل الناس، وزعموا أن عليًا رضوان الله عليه
كان مصيبًا في جميع أحواله وأنه لم يخطئ في شيء من أمور الدين إلا الكاملية أصحاب أبي كامل فإنهم أكفروا الناس بترك الاقتداء به وأكفروا عليًا بترك الطلب، وأنكروا الخروج على أيمة الجور وقالوا: ليس يجوز ذلك دون الإمام المنصوص على إمامته، وهم سوى الكاملية أربع وعشرون فرقة وهم يدعون الإمامية لقولهم بالنص على إمامة علي بن أبي طالب.
فالفرقة الأولى منهم وهم القطعية وإنما سموا قطعية لأنهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن علي وهم جمهور الشيعة يزعمون أن النبي ﷺ نص على إمامة علي بن أبي طالب واستخلفه بعده بعينه واسمه وأن عليًا نص على إمامة ابنه الحسن بن علي وأن الحسن بن علي نص على إمامة أخيه الحسين بن علي وأن الحسين بن علي نص على إمامة ابنه علي بن الحسين وأن علي بن
1 / 17
الحسين نص على إمامة ابنه محمد بن علي وأن محمد بن علي نص على إمامة ابنه جعفر بن محمد وأن جعفر بن محمد نص على إمامة ابنه موسى بن جعفر وأن موسى بن جعفر نص على إمامة ابنه علي بن موسى وأن علي بن موسى نص على إمامة ابنه محمد بن علي بن موسى وأن محمد بن علي نص على إمامة ابنه علي بن محمد بن علي بن موسى وأن علي بن محمد بن علي بن موسى نص على إمامة ابنه الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى وهو الذي كان بسامرا وأن الحسن بن علي نص على إمامة ابنه محمد بن الحسن بن علي وهو الغائب المنتظر عندهم الذي يدعون أنه يظهر فيملأ الأرض عدلًا بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا.
والفرقة الثانية منهم وهم الكيسانية وهي إحدى عشرة فرقة وإنما سموا كيسانية لأن المختار الذي خرج وطلب بدم الحسين بن علي ودعا إلى محمد بن الحنفية كان يقال له كيسان ويقال إنه مولى لعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه.
والفرقة الأولى من الكيسانية وهي الثانية من الرافضة يزعمون أن علي بن أبي طالب نص على إمامة ابنه محمد بن الحنفية لأنه دفع إليه الراية بالبصرة.
1 / 18
والفرقة الثالثة من الرافضة وهي الثانية من الكيسانية يزعمون أن علي بن أبي طالب نص على إمامة ابنه الحسن بن علي وأن الحسن بن علي نص على إمامة أخيه الحسين بن علي وأن الحسين بن علي نص على إمامة أخيه محمد بن علي وهو محمد بن الحنفية.
والفرقة الرابعة من الرافضة وهي الثالثة من الكيسانية وهي الكربية أصحاب أبي كرب الضرير يزعمون أن محمد بن الحنفية حي بجبال رضوى أسد عن يمينه ونمر عن شماله يحفظانه يأتيه رزقه غدوة وعشية إلى وقت خروجه، وزعموا أن السبب الذي من أجله صبر على هذا الحال أن يكون مغيبًا عن الخلق أن لله تعالى فيه تدبيرًا لا يعلمه غيره، ومن القائلين بهذا القول كثير الشاعر وفي ذلك يقول:
ألا إن الأيمة من قريش ... ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وبر ... وسبط غيبته كربلاء
وسبط لا يذوق الموت حتى ... يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيب لا يرى فيهم زمانًا ... برضوى عنده عسل وماء
1 / 19
والفرقة الخامسة من الرافضة وهي الرابعة من الكيسانية يزعمون أن محمد بن الحنفية إنما جعل بجبال رضوى عقوبة لركونه إلى عبد الملك بن مران وبيعته إياه.
والفرقة السادسة من الرافضة وهي الخامسة من الكيسانية يزعمون أن محمد بن الحنفية مات وأن الإمام بعده ابنه أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية.
والفرقة الثامنة من الرافضة وهي السابعة من الكيسانية يزعمون أن الإمام بعد أبي
هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية ابن أخيه الحسن بن محمد بن الحنفية وأن أبا هاشم أوصى إليه ثم أوصى الحسن إلى ابنه علي بن الحسن وهلك علي ولم يعقب فهم ينتظرون
1 / 20