الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (ع) .
وطهرها المنصور شرقا ومغربا *** فأعداء رب العالمين صعاصع
وثل عروش الظالمين وأوردت *** على الترك منه المرهفات اليلامع
نسبه ( ع ) :-
هو الإمام الأجل المنصور بالله عز وجل أبو محمد القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الأمير الحسين الأملحي بن علي بن يحيى بن محمد بن يوسف الأشل بن القاسم بن الإمام الداعي إلى الله يوسف بن الإمام المنصور بالله يحيى بن الإمام الناصر أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهم السلام.
مولده ونشأته ( ع ) :-
في أوائل سنة (967? ) ولد الإمام القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد في قرية الشاهل من قضاء الشرفين وأعمال حجة في الشمال الغربي منها بمسافة 37 كيلو مترا.
ونشأ في بيئة علمية، وأجواء مفعمة بالإيمان والتقوى، وبكر إلى طلب العلم والمعرفة بهمة عالية وعزيمة لا تلين، فتنقل في البلدان، وقصد العلماء في مختلف المناطق، وأخذ عنهم في مختلف فنون العلم، وما زال كذلك حتى فاق أقرانه، وشهد له أهل الفضل والعلم بالتقدم والاجتهاد ودقة النظر وسعة الاطلاع، بل اعتبر أبرز شخصية يمنية في عصره.
صفاته الخلقية ( ع ) :-
وقد عرفت فيه صفات خلقية رفيعة، كالورع والشجاعة، والغيرة والنباهة، والكرم وطيب النفس، واستبشاع الجور والاستبداد، إلى غير ذلك من الصفات السامية النبيلة، والأخلاق الكريمة العظيمة.
من أبرز مشائخه ( ع ) :-
الإمام الحسن بن علي بن داود، الذي لازمه حتى أسره العثمانيون الأتراك ونفوه إلى القسطنطينية.
والعلامة أمير الدين عبد الله بن نهشل
والقاضي محمد بن عبد الله راوع
والمهدي أحمد الرجمي
وغيرهم.
الحياة السياسية في عصره (ع):-
كان الإمام القاسم قد قضى أيام صباه في سنوات ملتهبة بالحروب، مملوءة بالمآسي، حيث كان الأتراك قد دخلوا اليمن غزاة قاهرين، وعاملوا أهلها معاملة بشعة، فقتلوهم وأسروهم وأذلوا أشرافهم وأشاعوا الفساد ودمروا البلاد مما أشعل نار الحماسفي نفوس اليمنيين، وأثار فيهم روح المقاومة والتمرد، فتصدوا لهم على شكل عصابات تظهر تارة وتختفي أخرى، وكان المطهر بن الإمام شرف الدين أبرز قادة المقاومة الشعبية وأنجحهم، فقد كان معروفا بالحنكة والقدرة الفائقة على القيادة العسكرية، حتى لقد حد من إحكام قبضة الأتراك على البلاد، رغم كثرة جندهم ووفرة سلاحهم ورغم قوتهم التي وصلت إلى غرب أوروبا وأرغمت بعض دولها على دفع الجزية عام (1538م).
وبوفاة المطهر سنة (980? )، تزعم حركة المقاومة الإمام الحسن بن علي بن داود حتى أسره الأتراك سنة (993? )، ثم خلت الساحة أمام الأتراك، وهمدت المقاومة الشعبية، وذاق الناس مرارة الغزو، وحنت النفوس إلى العدالة والأمن والاستقرار، وظلوا يترقبون الفرج سنوات وسنوات.
وفي أوائل القرن الحادي عشر كان الإمام القاسم قد صعد من انتقاداته لسياسة الأتراك وسلوكهم، وأكثر من تحريض الناس على جهادهم والخروج عليهم، ورحل إلى عدة من العلماء المرموقين يستنهضهم للقيام بواجب الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، والتصدي للفساد والمفسدين، وإصلاح أحوال البلاد والعباد، ولكن دون جدوى، فقد رد الجميع الأمر إليه، وأكدوا عدم صلاحية غيره لهذا الشأن، لما وجدوا فيه خصال تؤهله لقيادة الأمة في تلك الظروف العصيبة.
قيامه ودعوته ( ع ) :-
وفي مطلع عام (1006? ) وجد الإمام القاسم نفسه ملزما بالقيام بالدعوة إلى الله، والخروج على الظالمين، والدفاع عن المستضعفين، وإقامة حكم الكتاب والسنة، فنصب نفسه إماما ودعا الناس لبيعته، فالتفت حوله الجماهير، رغم أن أحوال الناس كانت قد ساءت والخوف قد تمكن من نفوسهم ويئسوا من إمكانية التغيير، ولكن التصميم والإرادة الصلبة لم تتردد ولم تخو فأشعلت نار المقاومة.
وقد وصف الإمام القاسم حال الناس حينها فقال في إحدى رسائل دعوته: ((أيها الناس إن رسوم الدين قد عفت، وأعلام الهدى قد طمست، وأحكام الشريعة قد عطلت، والفرائض قد رفضت، والمحارم قد انتهكت، والخمور قد شربت، والذكور قد نكحت، والضعفاء والأيتام قد ظلمت، والدماء قد سفكت، والشرور قد كثرت، والفتنة قد عظمت، حتى لبس الإسلام في هذا الزمان لبس الفرو مقلوبا، وصار كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((بدأ غريبا وسيعود غريبا))، فجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه، وقرب فيه الماحل، وبعد الفاضل، واستكمل فيه الفاجر، واستنقص فيه الطاهر...)) إلى آخر كلامه.
وبدأت ملحمة المقاومة المسلحة وحقق الإمام القاسم بعض الانتصارات الساحقة على قوات الأتراك وأعوانهم، حتى اضطرهم إلى طلب الإمدادات من مصر وأستانبول، وصمد مع قلة أنصاره أمام قواتهم الضاربة، وتشرد في السهول والجبال، ونكل بأصحابه وأقاربه أسوأ تنكيل، حتى سلخ جلد عمه عامر بن علي وهو حي، كما تسلخ الشاة، وأودع أفراد أسرته وأقاربه في السجون المظلمة، وابتلي بالانتكاسات والهزائم مرات عديدة، ولكنه صمد صمود الأبطال، وقاوم مقاومة منقطعة النظير، وأذاق الأتراك مرارة الخوف والرعب الذي عاش عليه اليمنيون سنوات طوال.
وبعد عشرين سنة من الكفاح المسلح ورغم التفاوت الكبير بين الطرفين، من حيث كثرة الجيوش، وكثافة الدعم، ووفرة السلاح وجودته، استطاع الإمام القاسم أن يحقق توازنا ملموسا بين الغزاة والثوار، واضطرهم إلى التراجع عن مناطق كثيرة والتخلي عن جملة من ممارساتهم القمعية، وأساليبهم الوحشية في التعامل مع الناس، كما اضطرهم إلى الاعتراف بحق المقاومة الشعبية، حتى فاوضه الأتراك على أن يمكنوه من الحكم على بعض البلاد ويتخلى عن مقاومتهم فأبى ذلك وأوضح لهم أن السلطة ليست مقصودة بالنسة له، وأن هدفه إقامة شرع الله، والدفاع عن المستضعفين، وقبل وفاته بعام قبل الهدنة مع الأتراك لمدة عشر سنوات فقط ليرتب أوضاعه، ويصلح أحوال جنده.
وهكذا كانت ثورة الإمام القاسم بن محمد بداية لنهاية الأتراك وخروجهم من اليمن، فقد مضى في أول طريق التحرير وسلكها من بعده بنوه حتى أخرجوا الأتراك المرة الأولى من اليمن بعد وفاته بست سنوات فقط.
في ميدان المعرفة :-
أما على الصعيد العلمي، فقد اعتبر الإمام القاسم بن محمد أحد المجددين على مستوى الفكر الإسلامي عموما، والفكر الزيدي خصوصا، فقد جدد في مناهج الفهم وأساليب الدعوة، وفهم العقيدة، وتدوين الفقه، وغير ذلك مما هو معروف في كتبه ورسائله.
ورغم انشغاله الشديد بالجهاد والتنقل في البلدان فقد استطاع أن يؤدي دوره كزعيم ديني وروحي، فألف وشعر وأفتى وناظر، واختصر وشرح وجدد، حتى ان مؤلفاته تعد من أهم الكتب عند الزيدية، وقد أخذت بعد نشرها تحظى بمكانة مميزة في مكتبة الفكر الإسلامي.
مؤلفاته ( ع ) :-
1- الأساس لعقائد الأكياس في أصول الدين، طبع مرتين.
2- الاعتصام بحبل الله المتين في الفقه. طبع.
3- مرقاة الوصول إلى علم الأصول في أصول الفقه، طبع.
تصفح الكتاب على من هذا الرابط http://www.azzaidiah.com/osoulfegh/merkat
20alwosol/themain.htm
4- رسالة التحذير، في التحذير من معاونة الظالمين، طبع.
5- الإرشاد إلى سبيل الرشاد، في حكم الاختلاف في الدين، طبع.
http://www.albasair.org/ebooks/irshad/irshad_index.htm
6- حتف أنف الإفك، في نقد الصوفية وتحريم الأغاني، مخطوط.
7- أساس الأساس لما يجب تقديمه من صحيح عقائد الأكياس، مخطوط.
8- تفسير القرآن، مخطوط، الموجود منه جزء فيه تفسير الفاتحة والبقرة وآل عمران والنساء وبعض المائدة.
9- التمهيد في آداب التقليد، مخطوط.
10- طرفة الراغب في الإعراب عن مقدمة ابن الحاجب، مخطوط.
11- مرقاة الطلاب إلى علم الإعراب، مخطوط.
12- الإجازات في تصحيح أسانيد الروايات، مخطوط.
13- أربعون حديثا في العلماء والمتعلمين، مخطوط.
14- بغية الطالب وتحفة الراغب، أربعون حديثا من أمالي أبي طالب، مخطوط.
15- ذم الأهواء والأوهام، مخطوط.
16- مستخرج من كتاب التفريع في الفقه، مخطوط.
وله رسائل وأجوبة كثيرة في أغراض متعددة منها:
17- جواب الأسئلة الصنعانية عن الاختلافات الاعتقادية.
18- الجواب المختار على مسائل عبد الجبار في أصول الدين.
19- بحث في من يكمل عقله من الأطفال.
20- بحث في كتاب الشافي وسبب تأليفه.
21- جواب سؤال فيمن يتعصب للإمام علي.
22- جواب على مسائل الأساس.
وفاته ( ع ) :-
وبعد حياة مليئة بالكفاح والإصلاح والتأليف والإرشاد والجهاد
توفي الإمام القاسم في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة (1029? )
في حصن شهارة من بلاد الأهنوم
وهنالك دفن رحمة الله عليه ورضوانه.
أولاده ( ع ) :-
محمد، وعلي الشهيد، وأحمد، والحسن، والحسين، وإسماعيل، وإسحاق درج، ويحيى، وعبدالله، ويوسف.
إنتهى .
صفحه ۵۶