فلسنا نستعملها فيما قد كان وفرغ ولا فيما هو موجود، لاكن فيما سيكون وفيما يمكن أن يكون 〈وأن لا يكون〉 وفى الأشياء التى سببها الفكرة. فان هذه هى الأشياء التى يتهيأ لنا أن نفعلها وأن لا نفعلها. وفى هذه اذن توجد الاستطاعة، والانسان هو مبدأ وسبب الأشياء التى يفعلها، وهذا أمر قد خصت〈ه〉 به الطبيعة دون سائر الأشياء المكونة منها، وذلك 〈أنه〉 صار وحده ناطقا بالطبع مرويا. فان النطق انما وجوده فى هذا المعنى. وان كان السبب مبدأ للأمور التى هو لها سبب وكان الانسان مبدأ لأفعاله، وهو اذن سبب لها. و〈ان كان〉 من المنكر أن 〈يطلب〉 لمبدأ مبدأ طلبا دائما (لأن الشىء الذى له مبدأ ما ليس هو مبدأ على الأطلاق) وليس يوجد الأختيار والرؤية وما جرى هذا المجرى فى طبيعة الانسان سبب آخر فاعل متقدم لها فى الوجود (لأن الأمران لم يكن هكذا، لم يكن الانسان مبدأ)، لاكنه هو سبب لأفعاله 〈والعزيمة والاختيار والسبب الفاعل لهذين〉، فأما هذه فليس لها سبب آخر.
وذلك أن هذه ان كانت مبدأ وليس يو〈جد〉 مبدأ وسبب للمبدأ الذى يقال له مبدأ على الحقيقة (لأن الانسان لوجوده وكونه مبدأ، فأما لأن يختار هذه الأشياء أو هذه فلا، لأن هذا هو 〈له〉 معنى أن له فى نفسه قوة لهذه الحال)، 〈فان الانسان سلطان واستطاعة على أفعاله اليه〉
و〈كيف يكون منفعة ما فى الرؤية، ان كانت لنا الأسباب متقد〉مة لأفعالنا؟ وكيف يكون الانسان أجل وأكرم من سائر الحيوان، اذ ظهر أن دون 〈منفعة الرؤية؟ فأما ان لم يكن لنا استطاعة على〉 أن نفضل من الرؤية وأن نختار ما نفضله، فلا منفعة فيها.
صفحه ۱۹۷