وكذلك اذا لم يكن الاهتمام بأشياء كثيرة ممكنا، لم يكن أيضا ولا عناية الله بكل واحد من الأوحاد ممكنة، اذ كان يجب ضرورة، متى جرى الأمر فى عنايته بها هذا المجرى، أن ينقص نظره اليها والتصفح لجميعها وأن يحرك رويته فيها بأسرها على ما هى علية من أنها غير متناهية وعلى ما بيتها من اختلافات لا نهاية لها.
وكان ذلك غير ممكن. فان العلم بأشياء كثيرة معا، فليس هو غير ممكن. وذلك أنه ليس بالمتعذر أن يكون انسان مع علمه بالأخبار الموسيقية عالما بأمور ما هندسية. وأما الاهتمام بأشياء كثيرة أولا أولا معا والروية فيها حتى يتصفح برويته كل واحد منها ويحرك اهتمامه بواحد واحد منها، فغير ممكن. وقد يجب ضرورة فى أمر من يتقدم فيعنى بالأشياء الجزئية والأوحاد معا. أن يكون أيضا يروى فى واحد واحد منها معا على انفراده.
فانه ان قال قائل ان العناية بالأشياء التى هاهنا ليست تكون معا، بل يكون منها شىء بعد شىء، فانه غير تابع اللأصول الموضوعة، فانه قد وضع أن لا شىء من الأشياء أصلا يكون من التى قلنا توجد أوتكون فى وقت ما خلوا من العناية. فأما ما يعترض من العوارض وكل واحد من الأشياء الموجودة وسيرتها (؟) عند تشاغل الفهم عنها (؟) والمعتنى بأشياء ما أخر، فهى خارجة عن مثل هذه العناية مع ما أن الانقطاع والفترة أيضا التى تعرض فى التوسط والانتقال الذى يكون متى جرت العناية هذا المجرى هو من الأشياء الشنعة.
صفحه ۱۷