أمطار الخريف تهطل على جبال رازح ، الحقول تتماوج مزدحمة بمحاصيل الذرة التي تفتحت أكوازها وكأنها عمائم بيضاء وحمراء تزين قصباتها الحضراء ، تداعبها النسائم فتتراقص الأوراق وتتمايل كحسناء تلملم ملابسها المتطايرة ، الطيور والعصافير تغرد بحبور .. البشر يعم السكان القرويين البسطاء .. الأرض تعد وتبشر بكرم الله الموعود .. الفلاح يقوم في هذه الظروف الواعدة بإستدانة ما يلزمه من المؤسرين على أن يسدد ديونه بعد موسم الحصاد والذي يسمى علان ، .. ويأتي الأمين أو مثمن الحصاد ليقوم بإستطلاع الحقول ليثمن ثمارها قبل أن تحصد .. والكاشف هو أمين القرية وأحيانا عمدتها ... هذا الأمين يمر بمنزل الأرملة صافية ... أنعمت صباحا ياصافية ، الأمين يحي صافية من أمام منزلها .. يترجل عن حماره بعد أن يسألها أن تقدم له شيئا من الحشائش ،، صافية التي لاتملك حقولا تفي بحاجتها وتضطر أن تبيع الأعلاف لتسطيع إطعام إبنها الوحيد جاسر ،، صافية تجيب الأمين بأنها ستقدم علفا لحماره وعليه أن يدفع ثمنه ... صافية الأرملة الشابة وقوية البنية . كانت هدف الأمين من تلك الزيارة .. فقبل أن يتفحص حقلها الصغير وتثمين محصوله المحتمل من أجل التكهن بمقدار الزكاة ،، دفع لها ثمن العلف .. وصارحها برغبته الإقتران بها ... لكنها سألته وماذا عن زوجاته الثلاث الأخر ... أجابها أنه سيتدبر الأمر .. هل تقبلين بي زوجا لك ياصافية وسأقوم بحمايتك ورعاية إبنك الذي سأقوم بتسليمه قطيعا من الأغنام لرعايتها .. وصمتت صافية برهة .. ثم قالت له أبني سيعمل راعيا لأغنامك أما أنا فستكون وظيفتي جلب الماء والحطب .. أليس كذلك ياحضرة الأمين ..؟؟ يتلعثم الأمين ، لكن صافية تعطيه جوابها سريعا .. كلا ياحضرة الأمين فولدي يجب أن أرعاه شخصيا وهولايزال قاصرا وهزيل البينة .. وبالتالي لايمكنني الموافقة على عرضك ،، الأمين : كان يجب عليك أن تعطيني جوابا غير ذلك فكما تعرفين أي إمرأة متلك تتمنى أن تقترن بي وأنا الأمين والشيخ ، إن لي من المهابة والمكانة الإجتماعية ما يؤهلني للزواج ممن أشاء من النساء ...
صفحه ۹۶