يتذكر شايع نظرة تلك الفتاة الأرستوقراطية له وتعاليها عليه .. لكنه يقراء شيئا بين السطور عن تلك الفتاة التي لم يكن يستطع حتى مجرد الكلام عنها ،،، واستمرت بنت الشيخ بكيل الهجاء له وتأليب القبيلة على نبذه بل وإبعاده .... لكن شايع وقبل كل شئ عاد ليحضر جلسات مع عمه الفقيه يدرسه بها شيئا من العربية أكبر من تعلم القراة والكتابة ،،، بل وكان يلازمه ومعه زوجته غالية لتتعلم أيظا ،، وبمرور ثلاثة أعوام وصل شايع لمرحلة جيدة من التحصيل العلمي ، الفقه واللغة العربية وآدابها ،، ولمس شايع الفارق والبون الشاسع الذي يفصله عن مجتمع القرية ،، وأدرك أنه كان على صواب .... فلكونه فقيرا معدما ،، لم يعد يتمالكه شعورا بالنقص أو الدونية بل يشعر أنه أحسن حالا فهو يملك كتبا ومراجع .. يجد بها راحة نفسية وذهنية ،، ويدخل شايع مرحلة أخرى في حياته ،، فيحلق رأسه ويتخلى عن التبختر والخيلاء .. وبما أنه قد تحصل على شيئا من المعرفة العلمية ... كان بعض القرويين يأتونه لطلب المساعدة عندما تطراء لديهم مشاكل شرعية أو توثيق .. وكان يعطيهم الرأي الصائب .. والمشورة السديدة ،، مما أثار حفيظة الشيخ صفوان .. وهو مهياء للنيل من شائع ولربما تأثر بأشعار إبنته .... الشيخ صفوان يستدعي شايع ،، ثم وبدون سوابق ينهره ويوبخه ويحذره من أن يحلم بمنزلة أو درجة رفيعة بالقرية .. ثم يفهمه بأنه هابط من القبيلة وأن أولاده لن يتمكنوا من الزواج من بنات القبيلة لكونهم ناقصي حسب ونسب .. حسب ، أو كما يقول ،، ويستمر الشيخ صفوان . وفي كل مرة يعرف أن شائع قد حرر محضرا أو قام بكتابة وثيقة أو حتى رسائل عادية ... وسدت السبل أمام شائع فالشيخ صفوان قوي وثري مهاب الجانب ورأيه نافذ وحاسم ،، شديد البطش والتنكيل .. أما العودة لحياة الرعي والفلاحة أو التسول ... أو التضور ،، وأزدادت المشكلة حدة ، فغالية أنجبت ثلاثة من الأبناء .. وعلى شايع أن يطعم هذه الأفواه الفاغرة ، لايبدو في الأفق ما يشبه الأمل لثني الشيخ صفوان الذي صار يرصد كل حركات شايع وسكناته ،، مهددا ومتوعدا ... ومؤلبا عليه بقية أفراد القبيلة ...
صفحه ۶۴