منظر از صخره قلعه

شیما طه ریدی d. 1450 AH
152

منظر از صخره قلعه

المنظر من صخرة القلعة

ژانرها

سمح له بالإفلات بفعلته هذه، وأعتقد أن ذلك لكونه شخصا مهما على المستوى المحلي، ومعروفا ومحبوبا، واجتماعيا، وواثقا بنفسه. كان مثل جدي مزارعا، ولكنه لم يكن يقضي وقتا كبيرا في الزراعة. كان كاتب عدل، وكاتب البلدة التي كان يعيش فيها، وكان عضوا مهما في حزب الأحرار الكندي. وكان يملك بعض الأموال التي لم يتحصل عليها من الزراعة، ربما كانت من الرهون العقارية؛ فقد كانت ثمة أقاويل حول امتلاكه استثمارات. كان هو والخالة تشارلي يملكان بعض الأبقار، ولكن لم يكونا يملكان أي ماشية أخرى. أذكر أنني رأيته في الإسطبل يدير فاصل القشدة مرتديا قميصا وصدرية بذلة، وقد علق قلمه الحبر وقلمه الرصاص الإيفرشارب بجيب الصدرية. لا أذكر رؤيته فعليا وهو يحلب الأبقار؛ فهل كانت الخالة تشارلي تضطلع بهذه المهمة على نحو تام، أم كان لديهم خادم يقوم بها؟

لم تكن الخالة تشارلي تظهر انزعاجها من قيادته قط إذا انزعجت منها؛ فقد كانت قصة غرامهما قصة أسطورية. لم تكن كلمة «حب» تستخدم لوصف ما بينهما، كان يقال إنهما «مغرمان كل منهما بالآخر». وكان أبي قد علق لي بعد فترة من وفاة العم سيريل أن العم سيريل والخالة تشارلي كانا بحق مغرمين كل منهما بالآخر. لست أدري ما الذي أثار هذا الحديث؛ فقد كنا نقود السيارة في أحد الأوقات، وربما كان ثمة تعليق - أو دعابة - عن قيادة العم سيريل. وشدد أبي على كلمة «بحق»، وكأنما يقر بأن هذا هو ما كان يفترض بالأزواج أن يشعروا به بعضهم تجاه البعض، وأنه من الممكن حتى أن يدعوا هذا الشعور، ولكن في الواقع كانت مثل هذه الحالة نادرة الوجود.

أحد الأسباب هو أن العم سيريل والخالة تشارلي كان يدعو كل منهما الآخر باسمه الأول، وليس أبي وأمي؛ ومن ثم وضعهما عدم الإنجاب في مكانة مميزة عمن حولهم وربط بينهما ليس بدورهما، ولكن بذاتيهما الدائمتين. (حتى جدي وجدتي كان كل منهما يشير إلى الآخر، على الأقل حسبما كنت أسمع، بجدي وجدتي، ليصعدا بالدور لدرجة أعلى.) لم يستخدم العم سيريل والخالة تشارلي ألفاظا توددية أو أسماء حيوانات أليفة مطلقا ولم أرهما قط يلامس أحدهما الآخر. لكنني أعتقد الآن أنه كان ثمة انسجام، سيل من الرضا، فيما بينهما كان يكسب الجو من حولهما إشراقة وتألقا كان بوسع الجميع إدراكه حتى ولو كان طفلا متمركزا حول ذاته. ولكن ربما كان هذا هو ما قيل لي فقط، وما أعتقد أنني أتذكره. ومع ذلك، فأنا على يقين من أن المشاعر الأخرى التي أذكرها - إحساس الالتزام والحاجة الذي نما على نحو وحشي فيما يتعلق بأبي وأمي، وجو الانفعال السخيف والاضطراب الراسخ الذي أحاط بجدي وجدتي - كانت غائبة عن تلك الزيجة، وهو ما كان ينظر إليه بوصفه شيئا يستحق التعليق، كيوم رائع في فصل غير مستقر. •••

لم تكن جدتي ولا الخالة تشارلي كثيرتي الحديث عن زوجيهما الراحلين؛ فكانت جدتي قد صارت آنذاك تدعو زوجها بعد وفاته باسمه؛ «ويل». كانت تتحدث دون ضغينة أو أسى، وكأنها تتحدث عن شخص تعرفه من المدرسة. أما الخالة تشارلي، فربما كانت تتحدث إلي عندما نكون بمفردنا وفي غياب جدتي من حين لآخر عن «عمك سيريل». كان كل ما يمكن أن يكون لديها لتقوله أنه لم يكن يرتدي جوارب صوفية على الإطلاق، أو أن البسكويت المفضل لديه كان بسكويت دقيق الشوفان المحشو بالتمر، أو أن أول شيء كان يحب تناوله في الصباح هو كوب من الشاي. وعادة ما كانت تستخدم همسها المكتوم؛ كان ثمة إيحاء بأن هذا الشخص كان شخصا بارزا تعرفه كل منا، وأنها عندما قالت كلمة «العم»، إنما كانت تمنحني شرف الانتساب إليه بصلة قرابة. •••

اتصل بي مايكل، وكانت تلك مفاجأة لي؛ فقد كان حريصا على نقوده، ومدركا للمسئوليات القادمة الملقاة على عاتقه، وفي تلك الأيام كان الناس الحريصون على نقودهم لا يجرون مكالمات هاتفية لمسافات بعيدة ما لم يكن ثمة خبر خاص ومهم في العادة.

كان هاتفنا في المطبخ، وقد جاء اتصال مايكل قرب وقت الظهيرة في يوم سبت، وكانت أسرتي جالسة على بعد بضع أقدام قليلة مني، يتناولون وجبة منتصف اليوم. بالطبع، كانت الساعة التاسعة صباحا فقط في فانكوفر.

قال مايكل: «لم أستطع النوم طوال الليل. كنت قلقا جدا لأنني لم أتلق منك أي خطابات. ما الخطب؟»

قلت: «لا شيء.» حاولت أن أتذكر آخر مرة كتبت له خطابا فيها، بالتأكيد لم يمر أكثر من أسبوع.

قلت: «لقد كنت مشغولة، وكان لدي الكثير من المهام التي كان علي إنجازها.»

كنا قبل بضعة أيام قد ملأنا القادوس بنشارة الخشب. كان هذا هو ما نحرقه في موقدنا؛ فقد كان أرخص وقود يمكن شراؤه. ولكن عندما وضعنا أول قدر منه في القادوس، خلف سحبا من غبار ناعم جدا انتشر أثره في كل مكان حتى على أغطية الفراش. ومهما حاولت منع ذلك، لم يكن بوسعك أن تمنع دخوله إلى المنزل عبر حذائك، وكان التخلص منه يتطلب الكثير من الكنس والنفض.

صفحه نامشخص