gemmules ، تتوزع على الجسم بأكمله، وتتجمع في البذرة؟ إن أحدا لم يلاحظ من قبل مثل هذا التجمع، كما أن «البراعم» الجسمية هذه كيانات لا وجود لها إلا في الذهن، والأصح من ذلك أن نفترض أن خلايا التوالد لا تأتي من جسم الفرد؛ بل من بذرة السلالة نفسها. فعند كل ميلاد، يكون هناك جزء من «البذور» الخاصة يحتوي على الخلية الأم، ولا يستخدم في تركيب الكائن العضوي الجديد، وإنما يحفظ احتياطيا دون أن يطرأ عليه تعديل، ليكون «البذرة الجديدة». وتستمر خلايا التوالد في الأجيال المتعاقبة، وتكون من مادة واحدة، ومن تركيب جسيمي واحد، وإذن فعلينا، تبعا لهذه النظرية الطموح، أن نتصور تعاقب الأجيال في صورة بلازما التي تظل مستمرة في الوجود دائما، والتي تنضم إليها، عند نموها، الخصائص الجسمية للفرد في كل جيل. وإذن فالوراثة تنتقل من الجنس إلى الأفراد المتعاقبين، لا من فرد إلى فرد، ولا شك في أن هناك ردود أفعال تحدث من جانب الفرد على «البذور»؛ فهناك مثلا أمراض جرثومية معينة، أو أنواع من التسمم المكتسب قابلة للانتقال، ولكن عددها ضئيل. ثم إن ما يورث في هذه الحالة، كما قال برجسون، ليس هو «الصفة» وإنما «الانحراف» الذي يتجسم في صورة ميكروب أو مادة سامة أصابت الجسم، وبالتالي تصاب البذرة بالعدوى عن طريق الاتصال المباشر.
28
فالواجب إذن أن نفسر التحول بأنه قدرة تصف بها البذرة الجماعية، وتلك نقطة مقررة في هذا الموضوع، بحيث أصبح مذهب دارون في شكله الحديث هو الذي يمثل مذهب التطور في صورته الحالية.
ولقد نشب منذ عدة سنوات جدال عنيف بين علماء الأحياء الذين يرفضون فكرة الوراثة المكتسبة، وبين مدرسة روسية (هي مدرسة متشورين
Mitchourine ) التي تؤكد وجود طفرات ملحوظة، بحيث إن الصفات المكتسبة يمكن أن تصبح متوارثة بفضل طفرات موجهة. فمذهب متشورين، على حد تعبير كولد شارل ماتون
Claude Charles Mathon
يرفض مبدأ استقلال الجسم عن البذرة. وفي هذا كتب أحد تلاميذ «متشورين»، وهو ليسنكو
Lyssenko
يقول: «إن التغيرات الوراثية واكتساب خصائص جديدة، وتدعيم هذه الخصائص، وكذلك تراكمها في سلسلة من الأجيال المتلاحقة، كل هذه تتحدد دائما تبعا لظروف حياة الكائن العضوي.»
29 (ب) الصعاب التي تواجه مذهب دارون
صفحه نامشخص