منطق اشراقی نزد سهروردی

محمود محمد علی d. 1450 AH
75

منطق اشراقی نزد سهروردی

المنطق الإشراقي عند السهروردي المقتول

ژانرها

ذلك لأن الإشراق يعني الإضاءة بالشعاع، والمشرق هو مكان الشروق والنسبة إليه مشرقة،

58

فيقال «منطق المشرقيين»، وليس منطق «الإشراقيين».

ولكن بعض الباحثين مالوا إلى القول بضم الميم في كلمة «مشرقية» باعتبارها تعني حالة الشروق دون مكانه، وقد دفعهم إلى ذلك فقدان الجرأة في النصوص القديمة، إلا أن «نللينو» أوضح الخطأ اللغوي الكامن في هذه القراءة، وأنهى الجدل الطويل الذي قام به أنصار «المشرقية» وأنصار «المشرقية»، مؤكدا صواب القراءة الأولى.

59

وهنا يتضح أن منطق المشرقيين يختلف أيضا عن منطق الإشراق من حيث اللفظ. (2) ابن تيمية

إن الخلاف بين الصوفية والفقهاء خلاف قديم جدا، نشأ مع المحاولات الأولى لتأويل النصوص القرآنية من قبل مختلف الفرق والمذاهب الإسلامية المتنازعة؛ فنشأ خلاف بين أهل الظاهر وأهل الباطن، ونظر كثير من الصوفية إلى الفقهاء على أنهم أهل ظواهر ورسوم، ومجالهم العبادات والأحكام، وإلى أنفسهم على أنهم أهل الحقائق والبواطن، وبحثهم يتعلق بالقلوب وأعمالها؛ فعلمهم علم الحقيقة، وعلم الفقهاء علم بأحكام الشريعة، وعلم الحقيقة أعلى مرتبة. وفي مقابل ذلك أنكر أهل الظاهر ما يدعيه الصوفية من مخصوص العلم وقالوا: لا نعرف إلا علم الشريعة الظاهرة التي جاء بها الكتاب والسنة، ورفضوا التمييز بين علم الظاهر وعلم الباطن.

60

وعلى الرغم من اختلاف الرؤية بين الصوفية والفقهاء، إلا أنهم اتفقوا على محدودية العقل واقتصاره على عالم الكثرة والتناهي، كما اتفقوا على نقد المنطق الأرسطي؛ بمعنى أنه إذا كان السهروردي قد نقد المنطق الأرسطي، فلا شك أن محاولته هذه قد وجدت صدى لمن جاء بعده، من أمثال ابن تيمية؛ والدليل على ذلك نقول حين وضع ابن تيمية كتابيه «الرد على المنطقيين» (المسمى بنصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان) و«نقض المنطق» في بيان تهافت الأسس التي يقوم عليها المنطق الأرسطي، وأهمها الحد (التعريف) والقياس، إلا أن ابن تيمية لم ينقد المنطق الأرسطي أو يهاجمه على أسس إشراقية، وإنما نقده على أسس تجريبية؛ حيث تناوله في جزئياته المتعددة بملاحظاته النقدية القيمة التي كانت بداية انطلق منها المناطقة الأوروبيون في العصر الحديث، خاصة «فرنسيس بيكون» و«جون استيوارت مل» و«ديفيد هيوم» في الهجوم على منطق أرسطو، ولم يكن ابن تيمية متعصبا في هجومه على المنطق لمجرد أنه يوناني الأصل، وإنما نظر إلى فائدته في تحصيل اليقين فوجدها معدومة، على عكس ما وجدها المناطقة المشاءون.

ولقد استهل ابن تيمية كتابه «الرد على المنطقيين» بقوله: «إن هذا المنطق (يعني المنطق الأرسطي) لا يحتاج إليه الذكي، ولا ينتفع به الغبي، وقد كنت أحسب أن قضاياه صادقة لما رأيت صدق كثير منها، ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه.»

صفحه نامشخص