منطق اشراقی نزد سهروردی
المنطق الإشراقي عند السهروردي المقتول
ژانرها
ويحكي «ابن أبي أصيبعة» عنه فيقول ما مختصره عن السهروردي: «كان أوحد في العلوم الحكمية، جامعا للفنون الفلسفية، بارعا في الأصول الفلكية، مفرط الذكاء، جيد الفطرة، فصيح العبارة، لم يناظر أحدا إلا بزه، ولم يباحث محصلا إلا أربى عليه، وكان علمه أكثر من عقله. فلما أتى إلى حلب وناظر بها الفقهاء كثر تشنيعهم عليه، وعملوا محاضر بكفره وسيروها إلى دمشق؛ إلى الملك الناصر صلاح الدين؛ فبعث صلاح الدين إلى ولده الملك الظاهر بحلب كتابا في حقه بخط القاضي الفاضل، يقول فيه إن هذا الشاب السهروردي لا بد من قتله، ولا سبيل أن يطلق ولا يبقى بوجه من الوجوه. ولما بلغ شهاب الدين السهروردي ذلك، وأيقن أنه يقتل، وليس جهة إلى الإفراج عنه، اختار أنه يترك في مكان مفرد ويمنع من الطعام والشراب إلى أن يلقى الله ففعل به ذلك. وكان ذلك في أواخر سنة ست وثمانين وخمسمائة بقلعة حلب 586ه/1190م.»
1
كما يعتبر السهروردي المقتول أيضا، بشهادة بعض الباحثين، صاحب مدرسة إشراقية صوفية، احتلت مكانة الصدارة بين جماعة التصوف والعشق الإلهي، لما قامت به هذه المدرسة من مغامرات عرفانية سحرت بأفكارها العقلانية قلوب معاصريها وعارفيها، وصورت لهم عالم العقول، وعالم النفوس، وعالم المعاد بأسلوب حقاني عميق، أنار النفوس التواقة إلى الخلود والمشاهدة، بواسطة الانفعالات المتوترة الحية، وبالآراء الروحية المكاشفة، والقدرة الخارقة المؤثرة في مشاعر الناس وأحاسيسهم.
2
وفي هذا يذكر الشهرزوري أنه كان من السابقين في الحكمة العملية، وأنه كان قلندري
3 ⋆
الصفة، وكان له رياضات عجز أهل الزمان عنها ... وكان أكثر عباداته الجزع والسهر والفكر في العوالم الإلهية، وكان قليل الالتفات إلى مراعاة الخلق، ملازما للصمت والاشتغال بنفسه.
4
ويقول الدكتور محمد مصطفى حلمي رحمه الله: «... ليس أدل على سعة ثقافته الفلسفية من مؤلفاته العديدة الحافلة بالآراء القيمة، والتي جمع فيها إلى براعة الأنظار العقلية، روعة التعاليم الصوفية، ولطافة الأذواق الروحية ... وترجع أهمية السهروردي في تاريخ الحياة الروحية الإسلامية، لا إلى أنه كان صوفيا من طراز الصوفية الأولين، ولا إلى أنه كان فيلسوفا روحيا يصطنع النظر العقلي الخالص على نحو ما يصطنعه الفلاسفة الخلص، بل هي ترجع إلى مذهبه في حكمة الإشراق، وهو ذلك المذهب الذي نزع فيه منزعا وسطا بين التصوف المعتمد على الذوق، والفلسفة المستندة إلى النظر.»
5
صفحه نامشخص