منطق اشراقی نزد سهروردی
المنطق الإشراقي عند السهروردي المقتول
ژانرها
41
تلك أوجه الشبه البارزة التي نجدها بين «منطق ابن سبعين»، و«منطق السهروردي». وعلى الرغم من اعتداد «ابن سبعين» الشديد بنفسه، وعدم اعترافه لأحد من السابقين عليه من الفلاسفة والصوفية بأي فضل، إلا أنه فيما يبدو لبعض الباحثين المحدثين، إذا صرفنا النظر عن الاختلافات بينه وبين السهروردي في تفاصيل مذهبيهما، نجد أنه متأثر بهذا الأخير؛ وذلك على الأقل في محاولته التحرر من المنطق الأرسطي، ووضع منطق جديد يبنى على الذوق والمشاهدة، وتوجد مباحثه في الخلد (يعني العقل) قبل التصور والتصديق لا بعدهما، ومطالبه الأصلية خارجة عما يذكره الحكماء المشاءون؛ إذ لا نعلم أحدا قبل السهروردي حاول التحرر من سيطرة منطق أرسطو ووضع منطقا جديدا على أساس علمي منظم.
42
وأهم النتائج التي توصل إليها «ابن سبعين» في منطقه، أن حقائق المنطق فطرية في النفس الإنسانية، وأن الألفاظ المنطقية الستة، وهي الجنس، والنوع، والفصل، والخاصة، والعرض، والجوهر، والشخص، ونشعر بالكثرة الوجودية، فهي محض وهم، والمقولات العشر كذلك، وإن اختلفت وتباينت، فإنما تشير إلى الوجود المطلق؛ فهو إذن يحمل المقولات على الوجود المطلق، وبذلك يجعل المقولات جنسا واحدا أو تحت جنس واحد.
43
وهكذا يطبق «ابن سبعين مذهبه في الوحدة في مجال المنطق الأرسطي ليثبت دائما أن كل مباحث هذا المنطق التي تشعر بالكثرة في الوجود وهم على التحقيق أو يتبادل بعض هذه المباحث لتبدو متمشية مع مذهبه العام.»
44
ثانيا: خصائص المنطق الإشراقي عند السهروردي
إذا كان السهروردي قد أرجع مصدر منطقه إلى الذوق، فهو بهذا يدعو إلى ضرورة توافق الذوق مع العقل أو المنطق؛ فالعقل الذي يرى ويفكر وحده دون أن يكون له مؤيد له من الذوق، ليس من الثقة فيه والاطمئنان إليه؛ بحيث ينتفي كل شك فيه، وتزول كل شبهة، ولا بد من ازدواجية أداة المعرفة التي تعتمد على الحكمة البحثية المعتمدة على التحليل والتركيب والاستدلال البرهاني، وهي حكمة الفلاسفة المشائية، والحكمة الذوقية التي هي ثمرة مذاق روحي، وهي حكمة يحياها الإنسان، ولا يستطيع التعبير عنها، وهي حكمة الفلاسفة الإشراقيين، وليس ثمة تعارض حقيقي بين الحكمتين، وإنما هو تعارض ظاهري؛ لأن الفيلسوف الإشراقي الحقيقي هو الذي يتقن الحكمة البحثية، وينفذ في نفس الوقت إلى أسرار الحكمة الذوقية.
45
صفحه نامشخص