73

منازل الحور العين في قلوب العارفين برب العالمين

منازل الحور العين في قلوب العارفين برب العالمين

ناشر

بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية

محل انتشار

الرياض

ژانرها

نتدلّل عليه على قدْر ما اسْتَزارنا إليه)؛ ثم قالت: (بحبكَ لي إلاّ ردَدْتَ عليَّ قلبي)؛ قال: فقلت: مِن أين تعلمين أنه يحبك؟!، فقالت: (جَيَّش من أجْلي الجيوش، وأنفق الأموال، وأخرجني من دار الشرك وأدخلني في التوحيد، وعَرَّفني نفْسَه بعد جهلي إياه، فهل هذا إلاّ لِعِناية!)، قلت: كيف حبك له؟!، قالت: (أعظم شيء وأجَلّه) (١). قال الإمام الجنيد ﵀: (حججت على الوحدة فجاوَرْتُ بِمَكة، فكنتُ إذا جَنَّ الليل دخلت الطواف، فإذا أنا بجارية تطوف وتقول: أبى الحبّ أن يخفى وكم قد كتمتُه ... فأصبح عندي قد أناخَ وطنَّبا (٢) إذا اشتدّ شوقي هام قلبي بذكْرهِ ... وإنْ رُمْتُ قربًا من حبيبي تقرّبا قال: فقلت لها: يا جارية أما تتقين الله تعالى؟!، في مثل هذا المكان تتكلمين بمثل هذا الكلام؟!، فالتفتتْ إليّ وقالت: يا جنيد!: لَوْلاَ التُّقى لَمْ تَرَني ... أهْجُرُ طِيبَ الوَسَنِ إنَّ التُّقَى شَرّدَني ... كَمَا ترَى عَنْ وَطَنِي أفِرُّ مِنْ وَجْدي بِهِ ... فَحُبُّهُ هَيَّمَنِي ثم قالت: يا جنيد!، تطوف بالبيت أم برب البيت؟!، فقلت: أطوف

(١) المصدر السابق ٤/ ٤١٩. (٢) طنّب: أي أقام، ويُقال: طنب بالمكان: أي أقام به. أنظر لسان العرب لابن منظور ١/ ٥٦٢.

1 / 74