ومنهم: أبو بكر الفارسى، فإنه بعد درسه على أبى العباس بن شريح جاء إلى بلخ، وكان من أهل فارس، فأخذ عنه، وله فى أصول الفقه كتاب كبير، يدل على فضل كثير، وقد كان ببغداد حلقة، ينسبون إليه أيضا ممن يحقق الاعتزال، مثل ابن المنجم، وقد مضى خبره.
ومنهم: أبو بكر محمد بن ابراهيم المقانعى الرازي، فأنه من العلماء، وأن لم يبلغ درجة من ذكرنا.
قال القاضي: وكان بأصفهان أيضا جماعة أخذوا عن أبي بكر الزبيري.
ومنهم: ابن حمدان وهو أبو محمد بن حمدان. وكان من الصلاح والزهد بمحل كبير، وبلغ من أمره، أنه إذا حضر مجلس النظر، وسمع كلام المشبه، والمجبرة يكاد تلحقه الرعشة إعظاما لله تعالى.
ومنهم: أبو عثمان العال. فانه من أهل الدين والتقدم في العلم، وهو الذي أراده القاضى، حيث قال: وقد كان بأصفهان رئيس يقل له أبو عبد الله ابن الحكم، وكانت داره كالمجمع لأهل الفضل. ويقال إنه حضر في داره، في بعض الأوقات، أبو القسم البلخي، وأبو بكر الزبيري، وأنهم لم يأنفوا من الحضور عنده. ولحقته من أهل أصفهان فتن. وكان يخلو بنفسه، وينظر في العلم.
فيقال، كان لا يخرج في السنة إلا مرة واحدة.
وكان يقال في ضيعة له، أنها تغل عشرين ألف درهم، فيصرفها في نفقته، فلما مات عاد دخلها ما يقارب ألف درهم.
ومنهم: أبو مسلم النقاش من أصحاب الزبيري، وبلغ في الدين والفضل النهاية، وبلغ من دينه، أنه حضر خادم من دار بدر، لينقش فصا للأمير، فامتنع، فقال له: «إن امتنعت لقة الأجرة فاني أزيدك»، وبلغ الزيادة مائة دينار، فأبى، حتى سمع صيحة من دار نسائه، يشكونه على ترك ذلك، لسوء حالهن، فلما كان بعد ذلك، دخل إليه تاجر، وأعطاه على نقش بعض الفصوص عشرة دراهم، فلما فرغ من ذلك، حمل تلك الدراهم إلى نسائه، ورمى بها إليهن. وقال: «منذ أربعين سنة أجتهد في أن لا اطعمكم الحرام».
صفحه ۸۷