ومنها، قوله: لا فعل للانسان إلا «الإرادة»، وما عداها فهو حدث لا محدث له.
وحكى «ابن الراوندي» عنه أنه قال: «العالم» فعل الله تعالى بطباعه، ولعله أراد بذلك ما تريده «الفلاسفة» من «الإيجاب» بالذات، دون «الإيجاد» على مقتضى «الإرادة»، لكن يلزمه، على اعتقاده ذلك، ما لزم «الفلاسفة»، من القول بقدم العالم، إذ «الموجب» لا ينفك عن «الموجب» وكان «ثمامة» في أيام «المأمون» وكان عنده بمكان.
9 - الهشامية
أصحاب «هشام بن عمرو الفوطي»، ومبالغته في القدر، أشد وأكثر من مبالغة أصحابه. وكان يمتنع عن إطلاق «إضافات» أفعال إلى الباري تعالى، وإن ورد بها التنزيل.
منها قوله: إن الله لا يؤلف بين قلوب المؤمنين، بل هم المؤتلفون باختيارهم، وقد ورد في التنزيل «ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم » «1». ومنها قوله: إن الله لا يحبب الإيمان إلى المؤمنين، ولا يزينه في قلوبهم، وقد قال تعالى:
«ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم» «2».
ومبالغته في نفي إضافات «الطبع» و«الختم» و«السد»، وأمثالها، أشد وأصعب، وقد ورد بجميعها التنزيل، قال تعالى: «ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم» «3»، وقال: «بل طبع الله عليها بكفرهم» «4» «وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا» «5». وليت شعري! ما يعتقده الرجل؟
صفحه ۱۷۲