ومن العجب، أن حدوث الجسم وفناءه، عنده، «عرضان» فكيف يقول إنها من فعل الأجسام؟، وإذا لم يحدث الباري تعالى «عرضا» فلم يحدث الجسم وفناءه؟ فإن الحدوث «عرض»، فيلزمه أن لا يكون لله تعالى فعل أصلا.
ثم ألزم، أن كلام الباري تعالى، إما «عرض»، أو (جسم).
فإن قال هو «عرض»، فقد أحدثه الباري تعالى، فإن المتكلم على أصله، هو من فعل الكلام، أو يلزمه، أن لا يكون لله تعالى كلام هو «عرض».
وإن قال هو «جسم»، فقد أبطل قوله، إنه أحدثه في محل، فإن الجسم لا يقوم بالجسم، فإذا لم يقل هو بإثبات الصفات الأزلية، ولا قال بخلق الأعراض، فلا يكون لله تعالى كلام يتكلم به على مقتضى مذهبه. وإذا لم يكن له كلام، لم يكن آمرا ناهيا، وإذا لم يكن أمر ونهي. لم تكن شريعة أصلا، فأدى مذهبه إلى خزي عظيم.
ومنها أنه قال إ: إن «الأعراض» لا تتناهى في كل نوع.
وقال: كل «عرض» قام بمحل، فإنما يقوم به لمعنى أوجب القيام، وذلك يؤدي إلى «التسلسل».
وعن هذه المسألة، سمي هو وأصحابه «أصحاب المعاني». وزاد على ذلك، فقال: «الحركة» إنما خالفت «السكون»، لا بذاتها، بل بمعنى أوجب المخالفة.
وكذلك، مغايرة المثل المثل، ومماثلة، وتضاد الضد الضد، كل ذلك عنده بمعنى.
ومنها، ما حكى «الكعبي» عنه: أن الإرادة من الله تعالى للشيء، غير الله، وغير خلقه للشيء، وغير الأمر، والأخبار، والحكم، فأشار إلى أمر مجهول لا يعرف.
وقال: ليس للإنسان فعل سوى «الإرادة»، مباشرة كانت، أو توليدا.
وأفعاله التكليفية: من القيام، والقعود، والحركة، والسكون، في الخير والشر ... كلها مستندة إلى إرادته، لا على طريق المباشرة، ولا على طريق «التوليد»، وهذا عجب، غير أنه إنما بناه على مذهبه في حقيقة الإنسان.
صفحه ۱۶۸