الناصر في شرذمة قليلة من عسكره، وأمنوا، وانهزم الملك المعز وتحير أين يذهب إذ ليس له جهة يلتجئ إليها، فعزم بمن كان معه من الأمراء على دخول البرية والتوصل إلى مكان يأمنون فيه، فاجتازوا بالناصر على بعد، فرأوه في نفر يسير، فاتفقوا الأمراء وقالوا: عسكرنا قد انكسر وما بقي يجري أعظم من ذلك وهذا الملك الناصر عدونا في نفر قليل، وقد اشتغل عساكره بالنهب، فنحمل عليه حملة واحدة فإما ننتصر عليه وإما نتوجه حيث قصدنا.
فحملوا عليه حملة رجل واحد فانكسر الملك الناصر، وقتل من أمرائه الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني مدبر الدولة أتابك العسكر الناصري، والأمير ضياء الدين القيمري، وهرب الناصر لا يلوي على شئ، وعاد الملك المعز إلى القاهرة مؤيدا منصورا، وخرج الملك الأشرف إلى لقائه، وثبتت أوتاد المعز وعظم شأنه، واستقر الحال على ذلك إلى سنة إحدى وخمسين.
كان الاتفاق بين المعز وبين الملك الناصر صاحب دمشق على أن يكون المعز بالديار المصرية والقدس وغزة، وباقي البلاد الشامية للملك الناصر، وأفرج الملك المعز عن أقارب الملك الناصر الذين أمسكوا في الوقعة المذكورة وهم: الملك المعظم
1 / 24