وعن ميمون بن مهران قال: "سبحان الله اسم يعظم الله به، ويحاشى به من السوء".
وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: "سبحان الله: تنزيه الله وتبرئته".
وعن محمد بن عائشة قال: "تقول العرب إذا أنكرت الشيء وأعظمته سبحان الله، فكأنه تنزيه الله عز وجل عن كل سوء، لا ينبغي أن يوصف بغير صفته".
والآثار في هذا المعنى عن السلف كثيرة.
ونقل الأزهري في كتابه تهذيب اللغة عن غير واحد من أئمة اللغة تفسير التسبيح بالمعنى السابق وقال: "وجماع معناه بعده - تبارك وتعالى - عن أن يكون له مثل أو شريك أو ضد أو ند".
وبهذه النقول المتقدمة يتبين معنى التسبيح والمراد به، وأنه تنزيه الله عز وجل عن كل نقص وعيب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "والأمر بتسبيحه يقتضي تنزيهه عن كل عيب وسوء، وإثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده". اه كلامه - رحمه الله -.
وبه يتبين أن تسبيح الله إنما يكون بتبرئة الله وتنزيهه عن كل سوء وعيب، مع إثبات المحامد وصفات الكمال له سبحانه، على وجه يليق به، أما ما يفعله المعطلة من أهل البدع كالمعتزلة وغيرهم من تعطيل للصفات وعدم إثبات لها وجحد لحقائقها ومعانيها بحجة أنهم يسبحون الله وينزهونه، فهو في الحقيقة ليس من التسبيح في شيء، بل هو إنكار وجحود، وضلال وبهتان، ولذا يقول ابن هشام النحوي في كتابه مغني اللبيب: "ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات".
ويقول ابن رجب رحمه الله في معنى قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك} أي: "سبحه بما حمد به نفسه؛ إذ ليس كل تسبيح بمحمود، كما أن تسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات".
صفحه ۲۳۵