123

متعددة من جهة الاعتبارات وبحسب الآثار والكمال.

فظهر من ذلك أن الإيرادات التي ذكرها صدر الأفاضل في هذا المقام لا وجه لها ، كما أن ما اختاره في جواب ذلك السؤال المشهور ، وقال إنه هو التحقيق ، مما لا وجه له ، إذ هو مبني على تجويز الحركة في الجوهر ، وقد تبين بطلانها في موضعه ، حيث إن المتحرك في كل مقولة يجب أن يبقى ذاته بشخصه حين الحركة ، وإذا فرضت الحركة في الجوهر كانت الحركة في الصور الجوهرية بحيث لا تبقى واحدة منها في أزيد من آن ، فيكون المتحرك نفس الهيولى والهيولى لا وجود شخصيا لها إلا بالصورة. وبما ذكرنا ظهر لك تزييف ما ذكره صدر الأفاضل هنا.

وقد ظهر أيضا بما ذكره المحقق الطوسي تزييف ما ذكره الإمام الرازي ، فظهر أن ما حققه المحقق الطوسي رحمه الله مما ينبغي أن يكون المعول عليه في جواب ذلك السؤال المشهور.

في بيان الجواب عن السؤال الذي أوردناه على كلام الشيخ في الشفاء

وحيث عرفت ما أوردنا من الكلام في البين للتمهيد عن جواب السؤال الذي أوردناه على كلام الشيخ في الشفاء فلنرجع إلى بيان الجواب عنه ، فنقول : إنك إذا أحطت بما تلوناه عليك ، تبينت معنى ما ذكر الشيخ من كون النفس حافظة للمزاج والتركيب وعلة لهما ، فإن معناه كما تلخص لك مما تقدم أن المزاج البدني لما كان واقعا بين أضداد متنازعة إلى الانفكاك ، وهى اسطقسات البدن التي تطلب كل منها احيازها الطبيعية لو خليت وطباعها ، فلا بد من أن يكون هناك قاسر يقسرها على الاجتماع والالتيام وليس ذلك القاسر هو المزاج ، لأن المزاج إنما يحدث بعد الاجتماع ، فلا يمكن أن يكون قبله ، فلا يكون علة له ، بل العلة القاسرة لتلك الأضداد على الاجتماع إنما هي أمر آخر ، إن شئت سميته قوة ، وإن شئت سميته صورة ، وإن شئت سميته نفسا ، وهذا القاسر كما أنه علة لجمع تلك الأجزاء والتيامها ، كذلك هو علة لما يحدث بعد الالتيام ، ويتبعه أي المزاج ، فهو علة أولا للالتيام ، وثانيا لحدوث المزاج من المبدأ الفياض ولبقائه وانحفاظه ، فهو كما أنه جامع للأجزاء كذلك هو علة حافظة للمزاج.

صفحه ۱۷۲