منهج در اندیشه عرب معاصر: از آشفتگی بنیان تا نظم روشی
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
ژانرها
ولا يرى هذا التيار للرابطة الدينية أو لعامل العقيدة أثرا في تكوين الجماعات. يقول: «مهما كان الأمر فإن الرابطة الدينية وحدها لا تكفي لتكوين القومية، كما أن تأثيرها في تسيير السياسة لا يبقى متغلبا على تأثير اللغة والتاريخ. إن هذا التأثير يشتد أو يتراخى، يتقوى أو يتلاشى، حسب تطور علاقة الدين باللغة، ويبقى أمرا ثانويا في تكوين القوميات بالنسبة لتأثير اللغة والتاريخ.»
7
بالإضافة إلى مكون اللغة والتاريخ، استند الاتجاه القومي إلى مبدأ العلمنة لأن اللغة والتاريخ غير كافيين في البناء والوحدة؛ ولهذا فإن «استكمال بنيان القومية العربية يحتاج في الواقع إلى عناصر أخرى لم يلتفت إلى أهميتها في السابق، وعلى رأسها النزعة الإنسانية التي تتضمن احترام وصيانة حقوق الإنسان وتبث فيه روح المواطنة؛ بحيث يجعل ولاءه لوطن وحده. (...) وتحقيق هذه المهمة الصعبة لن يكون ممكنا إلا على قاعدة إشاعة الديمقراطية من جهة وإنجاز العلمنة من جهة ثانية»،
8
حيث ظل مكون الدين ثانويا لا يقوى على صناعة المستقبل، ولعل كاتبا في مستوى برهان غليون - والجابري كما سنرى - يكشف بعض أسباب انحصار القومية العربية وفشل أطروحاتها ومشاريعها، حين ركز على ضعف استيعابها للتطور التاريخي وتحولات المجتمع العربي، وأن ظروف الطرح قد تغيرت، ولم يعد ينفع فيها النفخ في وحدة اللغة والثقافة والأصول، ولا تقبل فيها المجتمعات بعمليات الضم والإلحاق عن طريق القوة العسكرية،
9
خصوصا عندما تمكنت القومية من السلطة واستفردت بالحكم، وتسلطت على رقاب الناس.
لهذا انهارت واندثرت القومية العربية التقليدية تماما، ولم يعد لها موقع في الخريطة الفكرية؛ أي الشكل الذي كانت الفكرة تتخذه سابقا، فلم يعد الحديث عنها كوحدة ثقافية ولغوية وتاريخية، فكان الرهان على هذه المحددات سببا من أسباب الفشل والتراجع بدل التأكيد على الأمة الواحدة ذات الرسالة الخالدة أو على الهوية الموحدة، في مقابل هذا التوجه، نجد القوميين الجدد يؤكدون على التعددية الثقافية وأهمية الاعتراف بالأقليات ورفض الفكر الواحد، بل رفض الفكر العقائدي ذاته باعتباره فكرا مشوها بالضرورة.
10
وظلت الفكرة القومية تعاني فراغات بسبب إهمال الإسلام كمكون أساسي في بناء الذات وهو الأمر الذي انتبه إليه برهان غليون، من خلال الانخراط في أيديولوجيات مستعارة وغريبة عن واقع الأمة؛ اشتراكية، ليبرالية، علمانية،
صفحه نامشخص