منهج در اندیشه عرب معاصر: از آشفتگی بنیان تا نظم روشی

عبد الله اخواض d. 1450 AH
78

منهج در اندیشه عرب معاصر: از آشفتگی بنیان تا نظم روشی

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

ژانرها

59

للحضارة الغربية ونهاياتها الفكرية والمنهجية والفلسفية التي لا تقوى على أن تكون معيارا عاما ووسيطا مرجعيا تفسر كل الأحداث. (1-4) أدوات وآليات الاشتغال المنهجي في مشروع محمد أركون

نرصد في هذه النقطة أهم الآليات والأدوات المنهجية التي اشتغل عليها أركون في مشروعه، والمرجعيات التي اعتمدها في بناء منظومته المفاهيمية؛ لأن معرفة الخريطة المرجعية، وأدوات الاشتغال من شأنها أن تعين الباحث على معرفة كثير من خبايا الموضوع، والتحكم في مفاتيح النقد والتحليل والتجاوز، وتحقيق الاستقلال الفكري والمنهجي الذي نتوخاه، دون الارتهان لأدوات عبرت عن نفسها في مراحل تاريخية، وعن قضايا وإشكالات مجتمع ناهض وفق نسقية حضارية معينة هو المجتمع الغربي.

إذا كان الجابري قد حدد مداخل ومحددات لرؤيته المنهجية، وشواغله الفكرية، وقضايا الفكر العربي المعاصر، وخريطة عمله «العقل العربي»، وآليات اشتغاله مستعينا بالمرجعيات التي تحدثنا عنها في الفصل الأول، فإن الأستاذ محمد أركون - رحمة الله عليهم جميعا - قد اختار هو الآخر مجال اشتغاله «العقل الإسلامي» - على اختلاف في المسافات بين المشروعين - وأدواته المنهجية تقترب من أدوات الجابري أحيانا، وتبتعد عنها في الأفق المعرفي الباحث عنه. أدوات يرى ضرورة استيعابها وهضمها لولوج عالم الحضارة المعاصرة، وتجاوز حالات التيه والتخلف العلمي والمعرفي للعرب والمسلمين.

فإن كانت هذه الأدوات أكثر وضوحا عند الجابري من خلال المقدمات التي دبج بها مشروعه، فإن الأمر يختلف في مشروع أركون، فهي لا تبدو واضحة إلا من خلال تتبع مسار أفكاره، وترقب خطوات بحثه، مع ما يطبع عمله من تكرار في الأفكار والمعطيات حتى لا تكاد تميز بين هذا الكتاب أو ذاك، إلا من خلال العنوان وبعض الجزئيات، لكن نستطيع أن نحدد المرجعية الكبرى لمنهجياته وأدواته ومحددات الرؤية عنده، إنها مرجعية الحداثة، وهي الأرضية التي فضل الانطلاق منها؛ فهي الخيار الأفضل عنده والقاسي لأننا - يقول: «مجبرون منهجيا على الانطلاق من ساحتها العقلية والفكرية؛ لأنها أضافت مشاكل جديدة لم تكن تطرح سابقا، وافتتحت منهجيات جديدة تتيح لنا توسيع حقل المعرفة دون إدخال تقنيات دوغمائية تعسفية. هذا هو الشيء الجديد فعلا، وهنا يكمن جوهر الحداثة.»

60

ويحدد موقفه المبدئي والمنهجي من خلال تأثيث مشروعه بكل السلالات المفاهيمية والمنهجية ، التي أنجبتها تجربة الحداثة الغربية، ويدعو إلى إنزالها وتطبيقها إلى أبعد الحدود، وكسر الحواجز بين الحقول المعرفية، ودون اعتبار للخصوصيات، بل ويراهن عليها في تحقيق وإنجاز مهام استعجالية داخل الفكر العربي الإسلامي، من خلال تأسيس تاريخ منفتح وتطبيقي له، فكل ما أنجزه وينجزه يسير في هذا الاتجاه الطويل والصعب ومنفتح على علوم الإنسان، ومناهجها وتساؤلاتها كما هي ممارسة عليه اليوم في الغرب.

61

لهذا نجد أن أحد مرتكزات الفعل المنهجي والنقدي التي استند إليها تتمحور حول «زعزعة المشروعية الدينية والسلطة العقدية، من أجل العمل على إحلال المشروعية البشرية مكانها، وفرض قطيعة حاسمة بين ما يسميه بالذروة الإلهية للسيادة من جهة وبين الذروة البشرية، التي تقوم على السيادة الشعبية من جهة ثانية.»

62

صفحه نامشخص