منهج در اندیشه عرب معاصر: از آشفتگی بنیان تا نظم روشی
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
ژانرها
فتتشابك عنده الحلقتان، وتتعانقان من أجل تدشين عصر تدوين جديد من خلال الدعوة إلى كتابة تاريخنا الثقافي بصورة عقلانية نقدية.
إن المنطق التحليلي الذي استند عليه الجابري، والمهووس بالبعد الأيديولوجي، يحمل في طياته كثيرا من الثغرات، حين عمد إلى شل قدرات التراث العربي، وتمزيق أوصاله وتفكيك آلياته، وبانتقائية مفرطة وتعسفية لا تنسجم، ومنطق التكامل الذي أعلنه ولا تستجيب للضرورة المنهجية المعرفية التي بشر بها منذ البداية، فالنهضة التي ناضل من أجلها الجابري من خلال سلاح النقد للعقل العربي لا يمكن أن يحققها البرهان العقلي الذي دافع عنه، وحاول التشابك معه وتبيئته في الثقافة العربية، اعتبارا لكونيته، والذي تنعدم فيه الصفات الوراثية لأمة تنهض من خلال نظام فكري معياري.
ولطه عبد الرحمن رأي مخالف للتقسيم الثلاثي الوارد في متن الجابري، حين اعتبره تقسيما فاسدا، ودلل على فساده بازدواجية المعايير التي اعتمدها، في مقابل ذلك يقترح تقسيمات تعتمد معايير جديدة، إما بحسب اللفظ أو المضمون أو بحسب الصورة الاستدلالية. يقول: «هذا الازدواج الذي لا يؤدي إليه إلا عدم تحصيل الملكة في العلوم الصورية والمنهجية؛ ولو أن الجابري اعتمد معيارا موحدا، لكان له الخيار في تقسيمات متعددة، كل تقسيم منها يقوم على معيار معين، كالتقسيم بحسب المضمون (العقل والعلم والعرفان مثلا) أو التقسيم بحسب الصيغة اللفظية (القول والعبارة والإشارة مثلا ) أو التقسيم بحسب الصورة الاستدلالية (البرهان والحجاج والتحاج)، وهو أقرب التقسيمات إلى العمل بمعيار العقلانية المجردة التي ظل الجابري يناضل من أجلها، فيكون «البرهان» هو نظام الآلية الاستنباطية، و«الحجاج» هو نظام الآلية القياسية، و«التحاج» هو نظام الآلية التناقضية.»
129
فهذا التقسيم حسب طه «البرهان والحجاج والتحاج» يفيد ترتيبا استدلاليا صحيحا، وهو التقسيم نفسه الذي باشره الجابري في أبحاثه، لكنه - حسب تقدير طه - أساء صوغه باتخاذه لتقسيم مغالط.
هو اختلاف مرجعي منهجي أساسا بين عالمين، لكل منهما شأن مقدر في سياق البحث عما يعين على الخروج من ورطة التخلف، وليس في سياق التناحر، والتنابز بالألقاب، قد نتفق معهما في جانب، ونختلف معهما في جوانب، وتلك حيوية الفكر والمنهج، واختلاف زوايا النظر لا ينقص من قيمتهم، ولا يرجح كفة أحدهما على الآخر، خصوصا وأن عقل الأمة في حاجة إلى كل الجهود المبذولة، على فرض الاختلاف والتناقض في بعض الأحيان، المهم تلك الحركة الفكرية التي تحرك الرواكد، وتستشرف المستقبل، وتستوعب الحاضر والماضي.
تتحقق النهضة بكل مكونات الأمة الجغرافية والتاريخية والفكرية، أما الاختزال فأعتقد أنه واحد من العوائق المعرفية والنفسية في تراجع الفكر العربي المعاصر، كما تعكس أزمة العقل الناقد بآليات وأدوات، ورؤى خارج الذات، وغير مستوعبة للتحولات الفكرية الداخلية والخارجية، إنها أزمة الأسس والمرجعيات. (4) المبحث الرابع: ملاحظات نقدية حول الأسس المنهجية والمرجعية في مشروع الجابري
أثبتنا في الصفحات السابقة من هذا الفصل أهمية المشروع الفكري والمنهجي الذي أنجزه الجابري؛ الأهمية التي تفسرها المشاريع الفكرية التي أنجزت وكتبت حول المشروع على اختلاف مرجعياتها وأطرها الفكرية، منها ما اتجه إلى البحث عن مصادر مادة المشروع وأدواته المنهجية والمعرفية محاولة سد الثغرات والنقائص التي اعترته والتصويب في إطار حوار «العقلانية النافعة والروح الجماعية الصالحة»
130
لربح رهان المستقبل، ومنها ما اتجه إلى التحامل والتشكيك
صفحه نامشخص