منهج در اندیشه عرب معاصر: از آشفتگی بنیان تا نظم روشی
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
ژانرها
69
حتى تستجيب لأغراض البحث العلمي، وهذا تحد يواجه الباحث في عمله؛ تحدي ترجمة المفاهيم والمصطلحات واختيار المنهج أو المناهج الملائمة للموضوع.
إن الترجمة لا تكفي، بل لا بد من عمل استثنائي للباحث هو الوعي بما قبل المنهج بالحمولات الفلسفية للمفاهيم؛ لتفادي الإسقاط العشوائي، وهذا واحد من العوائق الكبرى التي تواجه الفكر العربي المعاصر في كل لحظة من لحظاته التاريخية، بل تواجه البحث العلمي بشكل عام.
فهذا الخلل في قراءة المفاهيم أدى إلى خلق ثنائيات في تاريخ الفكر العربي منذ بداية الترجمة، الماضي والحاضر، التراث والحداثة.
ومن أجل تفادي العوائق الإبستيمولوجية شرع في تبيئة مفاهيم موضوعه، ففرق بين «الدرس الإبستيمولوجي» و«التوظيف الإبستيمولوجي»، ف «الإبستيمولوجية بمعناها المعاصر تتعلق بالمعرفة العلمية، لكن ليس بالضرورة [في رأيه] أن ترتبط بالعلوم الطبيعية والرياضية، بل يمكن أن تكون ميدانا لإنتاج مفاهيم ورؤى جديدة قد لا تتوافر في العلوم الحقة التي هي موضوع الدرس الإبستيمولوجي بالمعنى الضيق للكلمة»،
70
ليوسع من تحرك مفاهيمها في مجالات جديدة غير أصلية، ويحاول أن يدرسها كما فعل بياجي في استعارة مفهوم اللاشعور المعرفي أثناء دراسته لتكوين بنية العقل، عقل الواحد من البشر، مستلهما المعنى الذي أعطاه فرويد للاشعور «الانفعالي السلوكي»، يقول: «لنستعر إذن هذا المفهوم من بياجي ولننقله من ميدان السيكولوجيا التكوينية، الذي تحرك فيه بياجي، إلى ميدان إبستيمولوجيا الثقافة الذي نتحرك فيه (...) ومعلوم أن اللاشعور لا تاريخ له؛ لأنه بطبيعته لا يعترف بالزمن «الطبيعي» ولا بزمن بنية العقل المنتمي إلى ثقافة ما ، فهو لا يلحقه التغير بنفس الوتائر التي يتغير بها الزمن الاجتماعي والعاطفي ...»
71
وألتوسير حين وظف دراسات باشلار في تحليل فكر ماركس وفوكو في حفرياته.
فهو لا يرى مانعا من أن تسافر هذه المفاهيم من حقل إلى آخر دون تأشيرة المرور وشروط السفر ومدة الإقامة، ودون الخضوع لمراقبة جمركية صارمة، مع ما يخلقه هذا المرور والسفر من قلق في الطريق ومتاعب في الوصول؛ ولهذا يحاول تركيبها في منظومته النقدية كما يتصورها وما تبقى منها في ذهنه ومن خلال معرفته بها، وأنه «إذا امتلكنا هذا الذي تبقى وأصبح مهضوما، وصار ملكا لنا، فإننا حينئذ نستعمله بصورة عفوية وفي الغالب بكيفية مبدعة».
صفحه نامشخص