[26] وقد يعرض الغلط في التفرق من أجل تفاوت البعد. وذلك أنه إذا كان جسم فسيح الأقطار، وكان مختلف الألوان، وكان واحد من تلك الألوان يقسم سطح ذلك الجسم في مواضع متفرقة أو في موضع واحد، فيعرض من ذلك أن ينقسم سطح ذلك الجسم بذلك اللون في موضع أو في مواضع متفرقة، ويكون اللون الذي يقطع سطح ذلك الجسسم من الألوان المظلمة، ويكون الموضع الذي فيه هذا اللون من سطح الجسم ذا عرض مقتدر، فإن البصر إذا أدرك الجسم الذي بهذه الصفة من بعد متفاوت وأدرك اللون المظلم الذي يقطعه، فإنه يظهر للبصر أنه عدة أجسام متفرقة متجاورة، إذا لم يكن قد تقدم علم الناظر بذلك الجسم، وظن بذلك اللون المظلم أنه تفرق بين تلك الأجسام، فيدرك الجسسم المتصل متفرقا. ومن الأجسام التي بهذه الصفة التي يعرض فيها مثل هذا الغلط هي الجدران التي يكون في تضاعيفها أو في وجوهها أخشاب قائمة إذا كان البصر يدركها من بعد متفاوت.
[27] وكذلك إذا كان جسم فسيح الأقطار مسفر اللون وأشرق عليه ضوء الشمس ووقعت مع ذلك عليه أظلال متفرقة تقطع سطح ذلك الجسم، أو ظل واحد يقطعه، وأدرك البصر الجسم الذي بهذه الصفة من بعد متفاوت ولم يكن قد تقدم علم الناظر بذلك الجسم ولم يحس في الحال بالأجسام التي منها تلك الأظلال، فإن البصر يدرك الجسم الذي بهذه الصفة من بعد متفاوت كأنه أجسام متفرقة متجاورة إذا لم يحس بأن المواضع المنكسفة اللون هي أظلال.
[28] وهذا الغلط أيضا هو غلط في القياس لأن التفرق إنما يدرك بالقياس. وعلة هذا الغلط هو خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال، لأن المبصر المتصل إذا كان على بعد معتدل فإن البصر يدركه متصلا، وإن كان مختلف الألوان وكان عليه أظلال أو كانت فيه أخشاب، إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك المبصر في عرض الاعتدال.
.ز.
صفحه ۴۲۹