348

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرها

[27] فأما غلط البصر في المعرفة من أجل خروج البصر نفسه عن عرض الاعتدال فكالبصر إذا نظر إلى روضة خضراء قد أشرق عليها ضوء الشمس وأطال النظر إليها، أو نظر إلى جسم مشرق اللون كالأرجواني والفرفيري والصعوي أو ما أشبه ذلك وقد أشرق عليه ضوء الشمس، وأطال النظر إليه، ثم التفت إلى مبصرات بيض، وتكون تلك المبصرات في الظل وفي ضوء معتدل، فإنه يدرك تلك المبصرات خضراء إذا كان قد أطال النظر إلى الرياض. وإذا كان قد أطال النظر إلى جسم ذى لون مشرق صبع أدرك تلك المبصرات التي يدركها من بعده ملتبسة بلونه. وذلك لأن البصر إذا أطال النظر إلى الرياض أو إلى لون من الألوان المشرقة التي قد أشرق عليها ضوء الشمس حصلت صورة تلك الخضرة أو ذلك اللون المشرق في البصر وتلك الصورة ثابتة فيه زمانا، فإذا التفت البصر إلى المبصرات البيض في تلك الحال وتلك الصور باقية فيه أدرك بياض تلك المبصرات ملتبسا بصورة اللون التي قد حصلت فيه. وإذا لم يكن قد أدرك تلك المبصرات البيض قبل تلك الحال فإنه لا يعلم أنها بيض

[28] وإذا أدرك البصر المبصرات البيض خضرا أو ذوات لون صبع فإنه غالط في ألوانها، ومائية اللون إنما تدرك بالعرفة، فيكون غلط البصر فيما هذه حاله غلطا في المعرفة، وتكون علة هذا الغلط هو خروج المبصر نفسه عن عرص الاعتدال بالتغير الذي حصل فيه. لأن البصر إذا كان سليما ولم يعرض له عارض يغير صورته فإنه يدرك ألوان المبصرات على ما هي عليه إذا كانت جميع المعاني الباقية التي في تلك المبصرات التي بها يتم إدراك المبصرات على ما هي عليه في عرض الاعتدال.

[29] وكذلك إذا عرض للبصر عشا أو مرض يغيرصورته ولم يمنعه ذلك المرض عن إدراك المبصرات بالكلية، فإنه إذا أدرك البصر وهو على ما به من العشا أو المرض فليس يدرك صورته إدراكا محققا، ومع ذلك فربما شبه البصر المبصر الذي يدركه في تلك الحال ما يعرفه من أمثاله. وإذا لم يتحقق البصر صورة المبصر وشبهه مع ذلك بما يعرفه من المبصرات التي تشبهه في المعاني التي يدركها من ذلك المبصر فريما عرض له الغلط في تشبيهه.

[30] وإذا شبه البصر المبصر بغيره وظنه ذلك الغير ولم يكن ذلك الغير، فهو غالط في شخصيته أو في نوعيته أو في جموعهما، فيكون غلطه في المعرفة، وتكون علة هذا الغلط هو خروج البصر عن عرض الاعتدال. لأن البصر إذا كان صحيحا فإنه يدرك المبصرات على ما هي عليه <إذا كانت جميع المعاني الباقية التي في تلك المبصرات التي يتم بها إدراك المبصرات على ما هي عليه في عرض الاعتدال. فعلى هذه الصفة ومثاها يكون غلط البصر في المعرفة من أجل خروج صحة البصر عن عرض الاعتدال.

صفحه ۴۱۰