[35] وإذا كان الهواء المضيء يصدر منه ضوء إلى المواضع المقابلة له فإن كل جزء من أجزاء الهواء المضي بأي ضوء كان فإنه يصدر منه ضوء إلى كل جهة مقابلة له، ويكون الضوء الذي يصدر عنه أضعف من الضوء الذي فيه، وتكون قو الضوء الذي يصدر عنه بحسب قوة الضوء الذي فيه وبحسب مقدار مساحة ذلك الجزء المضيء من الهواء. وأيضا فإن الهواء الذي في داخل البيت الثاني والهواء الذي في البيت الأول متصلان من الثقب الأول بالهواء المضيء الخارج الذي منه ورد الضوء إلى داخل البيت الثاني. ويصح أن يوجد في هذا الهواء مسافات كثيرة منحنية ومتعرجة بين الجو المضيء، وبين البيت الثاني تمر بالثقوب ولا يقطعها شيء من الأجسام الكثيفة. وكذلك إذا سد أحد الثقبين وبطل الضوء المقابل للثقب المسدود فإن بين ذلك الموضع الذي بطل منه الضوء وبين الثقب الأول والهواء الخارج هواء متصلا من الثقب الآخر الذي لم يسد ومسافات كثيرة غير مستقيمة. فلو كان الضوء يخرج على غير السموت المستقيمة، وكان الهواء المضي ء ينبسط الضوء منه في جميع ما يتصل به من الهواء من غير السموت المستقيمة، لقد كان البيت القاصي يضي ء جميعه ضوءا متشابها عند إضاءة الجو بضوء الصباح لاتصال الهواء الذي فيه بالجو المضي ء في الوقت الذي يدخل الضوء من الثقوب إلى البيت وفي الوقت الذي يسد أحد الثقبين أيضا. وليس يوجد في وقت الاعتبار في داخل البيت القاصي ضوء سوى الأضواء المقابلة للمثقوب التي كل واحد منها هو والثقبان المتقابلان المقابلان له اللذان في حائطي البيتين والجو الخارج المضيء على سمت مستقيم أو في المسافة الممتدة بين الثقب وبين الموضع المضيء على استقامة الثقبين المتقابلين أو ما يشرق من هذا الضوء في بقية البيت.
[36] والذي به يظهر أن الضوء اليسير الذي يشرق في بقية البيت إنما هو ضوء يصدر عن الضوء الذي في داخل البيت المقابل للثقب لا من غيره هو أنه إذا سد أحد الثقبين وقطعت المسافة المستقيمة التي بين الثقب الباقي وبين الضوء الذي نفذ منه بجسم كثيف، وقرب الجسم الكثيف من الثقب، وبطل الضوء من الموضع الذي كان يظهر فيه، خفي ما كان يظهر في بقية البيت من الضوء اليسير الذي كان يشرق من هذا الضوء. وليس ينقطع بهذا الفعل اتصال الهواء الذي في داخل جميع البيت بالهواء الخارج المضيء إذا لم يكن الجسم الكثيف الذي قطعت به المسافة المستقيمة ملتصقا بالثقب.
صفحه ۸۹