[3] وإذا اعتبرت هذه الحال أبدا وجدت مطردة لا تختلف ولا تتغير، وذلك يظهر للحس ظهورا بينا إذا تفقدت الأضواء التي تدخل من الثقب والخروق والأبواب إلى البيوت المغدرة. أما ضوء الشمس فإنه إذا دخل من ثقب إلى بييت مظلم، وكان الهواء الذي في البيت كدرا بغبار أو دخان، فإن الضوء يظهر ممتدا على استقامة من الثقب الذي يدخل منه الضوء إلى الموضع الذي ينتهي إليه ذلك الضوء من أرض البيت أو جدرانه. فإن كان الهواء الذي في البيت صافيا نقيا ولم يظهر فيه امتداد الضوه، وأراد معتبر أن يعتبير المسافة التي يمتد فيها الضوء، فإنه إذا أخذ جسما كثيفا وتحرى المسافة المستقيمة التي بين الثقب وبين الموضع الذي فيه الضوء من أرض البيت أو جدرانه فقطعها بالجسم الكثيف، وجد الضوء يظهر على ذلك الجسم الكثيف ويبطل من الموضع الذي كان يظهر فيه من أرض البيت أو جدرانه. فإذا تعمد أي موضع شاء من المسافة المستقيمة التي بين الثقب وبين الموضع الذي يظهر عليه الضوء فقطعها بالجسم الكثيف، فإن الضوء يظهر على ذلك الجسم الكثيف ويبطل من الموضع الذي كان يظهر فيه. واستقامة هذه المسافة يمكن أن تعتبر بعود مستقيم. فتدل هذه الحال على أن الضوء الذي دخل من الثقب ممتد على سمت المسافة المستقيمة التي بين الثقب وبين الموضع الذي انتهى إليه الضوء. وإذا اعتبر المعتبر أي مسافة شاء من المسافات المنعرجة والمنحنية والمقوسة التي بين الثقب وبين الموضع الذي يظهر فيه الضوء فقطعها بالجسم لم يظهر فيها شي ء من ذلك الضوء. وكذلك الثقوب الدقاق التي تكون في الأجسام الكثيفة ذا أشرق عليهما ضوء الشمس، فإن الضوء ينفذ من تلك الثقوب الدقاق ويمتد على سموت مستقيمة. وإذا اعتبرت المسافة المستقيمة التي بين الثقب الدقيق وبين الموضع الذي يظهر فيه الضوء النافذ من ذلك الثقب وجد الضوء ممتدا في تلك المسافة المستقيمة وإن كان الثقب في غاية الدقة. وإن اعتمد معتمد جسما كثيفا فثقب فيه ثقبا دقيقا وقابل به جرم الشمس وجد الضوء ينفذ فيه ويمتد على سمت مستقيم. وإن اعتبر المسافة التي يمتد عليها الضوء الذي بهذه الصفة وقاسها بمسطرة وجدها في غاية الاستقامة. فيتبين من جميع ذلك أن ضوء الشمس ليس يمتد إلا على المسافات المستقيمة.
صفحه ۷۳