فصل
وسألتَ هل يُمكن مَعرفة الحديث الموضوع بضابطٍ، من غير أن يُنظَر في سنده؟
فهذا سؤال عظيم القدر، وإنما يعلم ذلك من تضلّع من مَعرفة السّنن الصحيحة، وخُلطت بدمه ولحمه، وصار له فيها مَلكة، وصار له اختصاصٌ شديدٌ بمعرفة السّنن والآثار، ومَعرفة سِيرة رسول الله ﷺ وهَديه فيما يأمر به وينهى عنه، ويُخبر عنه ويَدعو إليه، ويُحبه ويكرهه، ويَشرعه للأمّة بحيث كأنّه مُخالط للرسول ﷺ، بين أصحابه.
ومثل هذا يَعْرِفُ من أحوال الرسول ﷺ وهَديه وكَلامه، وما يجوز أن يُخبر به، ولا يجوز، ما لا يعرفه غيره.
وهذا شأن كلّ مُتّبع مع مَتبوعه، فللأخصّ به، الحريص على تَتبّع أقواله وأفعاله في العلم بها، والتمييز بين ما يصحّ أن يُنسب إليه، وما لا يَصح، ما ليس لمن لا يكون كذلك، وهذا شأن المقلّدين مع أئمّتهم، يَعرفون أقوالهم ونُصوصهم ومَذاهبهم، والله أعلم.
ومن ذلك: ما رَوى جَعفر بن [جَسر] (^١) عن أبيه، عن ثابت، عن أنسٍ يرفعه: "من قال: سُبحان الله وبحمده، غَرس الله له ألفَ ألفَ نَخلة في الجنّة، أصلها ذَهَب ... " (^٢).
وجعفر هذا، هو: جَعفر بن [جَسر] (^٣) بن فَرقد، أبو سلمان
_________
(^١) في الأصل: "حسن"، والصواب ما أثبته.
(^٢) رواه ابن عدي في الكامل (٢/ ١٥٠)، وانظر: ميزان الاعتدال (١/ ٤٠٤).
(^٣) في الأصل: "حسن"، والصواب ما أثبته.
1 / 26