بالاتفاق، فإنّه وَقع التشبيه في الثواب [لا] (^١) على تَقدير كَونه مَشروعًا، بل ولا مُمكنًا، كما في الحديث الصحيح وقد سُئل عن الجهاد فقال للسائل: "هل تَستطيع إذا خَرج المُجاهد أن تَصوم فلا تُفطر، وتَقوم فلا تَفتر؟ قال: لا. قال: ذلك مثل المجاهد" (^٢).
والمقصود: أنه لا يلزم من تَشبيه الشيء [بالشيء] (^٣) مُساواته له.
ومثل هذا قوله: "من صلّى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلّى العشاء والفجر في جَماعة، فكأنّما قام الليل كُلّه" (^٤).
وهذا يدلّ على ما تَقدم من تَفضيل العمل الواحد على أمثاله وأضعافه من جنسه، فإنّ من صلى العشاء والفجر في جماعة ولم يُصلّ بالليل، تَعدل صلاته تلك صلاة من قام الليل كلّه، فإن كان هذا الذي قام الليل قد صلّى تلك الصلاتين في جماعة: أحرز الفضل المُحقّق والمقدّر، وإن صلّى الصلاتين وَحدَه، وقام الليل، كان كَمَن صلاهما في جماعة ونام بمنزله، إن صحت صلاة المُنفرد.
وهذا كما تقدّم: أنّ تَفاضُل الأعمال ليس بكثرتها وعَدَدها، وإنما هو بإكمالها وإتمامها، ومُوافقتها لرضا الربّ وشَرعه.
_________
(^١) ليست في الأصل، وهي من نسخة المعلمي.
(^٢) رواه البخاري (٢٦٣٣)، ومسلم (٤٨٤٦)، وأحمد في المسند (٢/ ٣٤٤).
(^٣) ليست في الأصل وهي من نسخة المعلمي.
(^٤) رواه أبو داود (٥٥٥) بنحو هذا اللفظ، وعند مسلم (١٤٨٩): "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله".
1 / 22