فصل
ومن هذا يُعرف جواب المسألة الثانية، وهي: تفضيل "سُبحان الله وبحمده عَدد خلقه، ورِضا نَفسه، وزِنة عَرشه، ومِداد كلماته" (^١) على مُجرّد الذّكر "سبحان الله" أضعافًا مُضاعفة، فإنّ ما يَقوم بقلب الذّاكر حين يقول: "سُبحان الله وبحمده عَدَد خلقه" من مَعرفته وتَنزيهه وتَعظيمه لله بهذا القدر المذكور من العدَد، أعظم ممّا يقوم بقلب القائل: "سبحان الله" فقط.
وهذا يُسمّى الذّكر المضاعف، وهو أعظم ثناءً من الذّكر المُفرد؛ فلهذا كان أفضل منه، وهذا إنما يَظهر بعدَ مَعرفة هذا الذّكر وفهمه.
فإن قَول المسبّح: "سبحان الله وبحمده عَدد خَلْقه " تَضمّن إنشاءً وإخبارًا:
تَضمّن إخبارًا عمّا يَستحقّه الربّ من التسبيح عَدَد كلّ مَخلوق كان، وهو كائن، إلى ما لا نهاية له، فتضمّن الإخبار عن تنزيهه وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم، الذي لا يبلغه العادّون، ولا يُحصيه المُحصون.
وتضمّن إنشاء العبد لتسبيحٍ هذا شأنه، لا أنّ ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده، بل أخبر أن ما يَستحقه الربّ ﷾ من التسبيح، هو: تَسبيح يَبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره، فإنّ تَجدّد المخلوقات لا يَنتهي عَداده، ولا يُحصى لحاصر.
_________
(^١) رواه مسلم في صحيحه (٦٨٥١).
1 / 17