قد دلّ على أن صلاة هؤلاء [لا] (^١) تُقبل (^٢)، ومع هذا فلا يُؤمرون بالإعادة، لأنّ عَدم قَبول صلاتهم؛ إنما هو في عَدم حُصول الثواب، لا في سُقوطها من ذمّتهم.
والأعمال تَتفاضل بتفاضُل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال، وقصد وجه المعبود وحده، دُون شيءٍ من الحظوظ سواه، حتى تكون صورة العمَلين واحدة، وبينهما في الفضل ما لا يُحصيه إلا الله تعالى.
وتَتفاضل أيضًا بتَجريد المتابعة، فبين العَمَلين من [الفضل] (^٣) بحسب ما يتفاضلان في المتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة، تفاضلًا لا يُحصيه إلا الله تعالى.
وينضاف هذا إلى كون أحد العَملين أحب إلى الله في نَفسه.
مثاله: الجهاد وبذل النّفس لله تعالى، هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى، ويقترن به تَجريد الإخلاص والمتابعة، وكذلك الصلاة والعلم وقراءة القرآن، فإذا فَضُل العمل في نَفسه، وفَضُل قصد صاحبه وإخلاصه، وتَجرّدت مُتابعته: لم يمتنع أن يكون العمل الواحد أفضل من سبعين، بل وسبعمائة من نَوعه.
_________
(^١) ساقطة من الأصل، ولعله بسبب انتقال النظر، فقد كتبت الكلمة التي قبلها مع التي بعده هكذا: "هؤلاء تقبل".
(^٢) يُشير إلى حديث: "إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة" رواه مسلم (٢٢٧)، وحديث: "من أتى عرّافًا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة" رواه مسلم (٥٧٨٢).
(^٣) في الأصل: "الفضلات"، والصواب ما أثبته.
1 / 15