٨٩ - وَعَنْهُ ﵁ قَالَ:
حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وِعَاءَيْن، فَأمَّا أحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وأمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ"
ــ
" ثم قال: ضمه " إلى صدرك ليحل فيه من ذلك الفيْض الإِلهي المبارك ما يملأه نورًا وقوةً وملكة في حفظ الحديث تحصيله " فضممته فما نسيت شيئًا بعده " وفي رواية فما نسيتُ شيئًا سمعته منه ﷺ. الحديث: أخرجه أيضًا الترمذي. والمطابقة: في قوله " فغرف بيده ثم قال: ضمه فضممته، فما نسيت شيئًا بعده ".
٨٩ - معنى الحديث: يقول أبو هريرة ﵁: " حفظت من رسول الله ﷺ وعاءين " (١) أي صنفين مختلفين من العلم " فأما أحدهما " وهو علم الشريعة المتعلق بالعقائد والأحكام " فبثثته " أي نشرته فيكم وبلغته لكم. " وأما الآخر " أي وأما الصنف الآخر " فلو بثثته فيكم قطع هذا البلعوم " (٢) أي فلو بلغته وتحدثت به إلى الناس لذبحت ذبح الشاة، والراجح أنّ هذا العلم هو ما يتعلق بأخبار ولاة السوء كيزيد بن معاوية وغيره، وقد كان أبو هريرة ﵁ يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم لفعلت، ويقول: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد، وقد استجيب دعاؤه فمات سنة ٥٩ من الهجرة. الحديث: أخرجه البخاري.
والمطابقة: في قوله " حفظت من رسول الله ﷺ وعاءين ".
ويستفاد من أحاديث الباب ما يأتي: أولًا: أن من الأسباب التي تساعد على كثرة حفظ العلم وتحصيله ملازمة العلماء والتفرغ عن الشواغل والانقطاع
(١) قال الحافظ " وعاءين " أي ظرفين أطلق المحل وأراد الحال أي نوعين من العلم.
(٢) بضم الباء، وكنى به عن القتل كما أفاده القسطلاني.