Manar Al-Qari Commentary on the Abridged Sahih Al-Bukhari
منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري
ناشر
مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد
محل انتشار
الطائف - المملكة العربية السعودية
ژانرها
قَالَ: إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ، ولَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلا يَحِلُّ لامْرِىءٍ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ أنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، ولا يَعْضِدَ بهَا شَجَرَةً، فإن أحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقولُوا: إنَّ اللهَ قَدْ أذنَ لِرَسُولِهِ ﷺ وَلَمْ يَأذَنْ لَكُمْ، وِإنَّمَا أذنَ لي فيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بالأمْس، وَلِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ".
ــ
ﷺ يوم الفتح يقول قولًا سمعته أذناي، ووعاه قلبي " أي سمعت من النبي ﷺ قولًا تلقيته منه بإنصات كامل وعناية تامة، وقلب حاضر، حفظه ورسخ فيه، وحواه كما يحوي الوعاء مما وضع فيه، وذلك لما لهذا القول من الأهمية البالغة. " حمد الله " أي استهل النبي ﷺ كلامه هذا أو خطبته البليغة بالثناء على الله تعالى " ثم قال: إن مكة حرّمها الله تعالى " أي حرمها بنفسه، وفي محكم كتابه حيث قال في سورة الحج: (والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء) وقال أيضًا: (قل إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها) " فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا " أي لا يجوز فيها القتال وإراقة الدماء، ولا يحل للمؤمن أن يفعل ذلك " ولا يعضد بها شجرة " بفتح الياء وسكون العين وكسر الضاد أي ولا يقطع فيها شجرة من الأشجار البرية التي تنبت بنفسها، " فإن أحدٌ ترخص لقتال رسول الله ﷺ " أي فإن استباح أحد القتال في مكة مستدلًا على ذلك بقتال النبي ﷺ فيها يوم الفتح " فقولوا له: إن الله قد أذن لرسوله ﷺ " أي فقولوا له لا حجة لك في قتال الرسول ﷺ بمكة، لأن قتاله هذا كان رخصة استثنائية خاصة به ﷺ، فإن الله قد أحل له القتال فيها ذلك اليوم، وأذن له فيه " ولم يأذن لكم " أي ولم يحل لكم القتال فيها أبدًا " إنما أذن لي " بالقتال فيها " ساعة من نهار " أي في وقت محدود وجزء معين من يوم الفتح، وذلك
1 / 202