أيضا ومن ثاب إلى الثاوب
من ساكن الحرم والمجانب
وقال في ذلك أبو طالب أيضا:
إن ابن آمنة الأمين محمدا
عندي بمثل منازل الأولاد
لما تعلق بالزمام رحمته
والعيس قد قلص بالأزواد
فارفض من عيني دمع ذارف
مثل الجمان مفرق ببداد
راعيت فيه قرابة موصولة
وحفظت فيه وصية الأجداد
وأمرته بالسير بين عمومة
بيض الوجوه مصالت أنجاد
ساروا لا بعد طية معلومة
ولقد تباعد طية المرتاد
حتى إذا القوم بصرى عاينوا
لاقوا على شرك من المرصاد
حبرا فأخبرهم حديثا صادقا
عند ورد معاشر الحساد
قوما يهودا عاينوه فأبصروا
فيه النبوة وغر الأكباد
ثاروا لقتل محمد فنهاهم
عنه وأجهد غاية الإجهاد (1)
وقيل: إن بحيراء الراهب رأى على رسول الله صلى الله عليه وآله شبيها بالغمامة من نور يظله، ويسير معه متى سار، فلذلك نزل إليه وأعد للقوم طعاما ودعاهم إليه، فأتوه وتركوا رسول الله صلى الله عليه وآله يحفظ متاعهم، وأن الذين عارضوه من اليهود أحبار ذلك الموضع، وهم زبير وتمام ودريس، وفي ذلك قال أبو طالب عليه السلام أيضا:
ألم تر أني بعدهم هممته
بفرقة حر الوالدين كرام
بأحمد لما أن شددت مطيتي
برحلي وقد ودعته بسلام
فلما بكى والعيس قد فصلت بنا
وقد ناش بالكفين ثنى زمام
ذكرت أباه ثم رقرقت عبرة
تجود من العين ذات سجام
فقلت ترحل راشدا في عمومة
مواسير في البأساء غير لئام
صفحه ۸۰