133

Manahil al-Irfan fi Ulum al-Quran

مناهل العرفان في علوم القرآن

ناشر

مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه

ویراست

الطبعة الثالثة

ژانرها

١١- شبيه بالسبب الخاص مع اللفظ العام
نوه السيوطي في الإتقان وابن السبكي والمحلي في جمع الجوامع وشرحه بأن القرآن الكريم قد يرد فيه ما يشبه السبب الخاص مع اللفظ العام النازل فيه فيكون لهذا الشبه أثر صالح في تناول الآية العامة للمضمون الخاص في الآية التي معها تناولا ممتازا يجعله أسبق إلى الذهن من غيره وأبعد عن خروجه بالتخصيص إذا ورد مخصص لتلك الآية العامة. فكأنه قطعي الدخول. وكأنه مجمع على عدم خروجه بالمخصص كما أجمعوا على عدم خروج السبب الخاص من لفظ العام النازل فيه.
وهاك مثلا يوضح لك المقام: قال الله تعالى في سورة النساء: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾ إلى آخر الآيات الواردة في هذا الموضوع.
فأنت ترى أن هذه الآيات شنعت على الخيانة والخائنين من اليهود وتوعدتهم أفظع الوعيد ووبختهم أشد التوبيخ. وذلك في معنى النهي البالغ عن تلك الخيانة أي خيانتهم للنبي ﷺ والمؤمنين حيث جعلوا المشركين أهدى سبيلا منهم. ومن المقرر أن النهي عن شيء أمر بضده فلا جرم تضمنت هذه الآيات أيضا أمر اليهود بالأمانة في الحكم على النبي ﷺ وأصحابه ووصفهم بالصفات الحقيقية. خصوصا أنهم قد مدحوا في كتابهم التوراة كما قال الله تعالى في سورة الأعراف: ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ﴾ الخ والضمير للنبي ﷺ وكما قال في سورة الفتح بعد أن وصف النبي وأصحابه: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ الخ.
ثم جاء عقيب تلك الآيات في الترتيب الوضعي قوله ﷾: ﴿إِنَّ اللَّهَ

1 / 135