من قتل الطفل؟
المرحوم
من قتل الطفل؟
المرحوم
من قتل الطفل؟
من قتل الطفل؟
تأليف
عبد الغفار مكاوي
من قتل الطفل؟
الشخصيات
صفحه نامشخص
الراوية.
شاب (ابن شيخ القبيلة، طالب علم في صنعاء).
شيخ القبيلة.
المرأة الأولى (الزوجة).
أمين (عشيقها).
المرأة الثانية (ضرتها).
السياف.
صبي.
رجال ونساء.
هامش
صفحه نامشخص
عشت في صنعاء اليمن أربع سنوات، نعمت فيها بالحب والاحترام اللذين أوشكا على الانقراض من حياتنا. كان من الطبيعي أن أنظر في الأدب اليمني قديمه وحديثه، وتشاء المصادفات أن يكون أول كتاب أقرؤه هو: «الحكايات والأساطير اليمنية» التي جمعها ودونها الأستاذ علي محمد عبده. توقفت طويلا عند هذه الحكايات الشعبية، ومنها هذه الحكاية بعنوان «حكم الفراسة» (من صفحة 53 إلى صفحة 59 من الكتاب). وقد حافظت على هيكلها الأصلي وأحداثها وشخصياتها، وأضفت إليها الراوية وقصة الملك سليمان مع المرأتين المتنازعتين على أمومة الطفل، وهي قصة مأثورة لا يستبعد أن يلجأ إليها شيخ قبيلة يمني لاكتشاف القاتل الحقيقي. ولعل الحكاية والمسرحية أن يكونا محاولة للإشارة إلى أن العلم والتجديد لا يتعارضان مع الحفاظ على الأصالة والتقليد.
المفرج:
مكان يلتقي فيه مجلس «القات».
العدل:
هو القاضي أو شيخ الحارة.
الكذابة:
حلمة من المطاط تعطى للرضيع ليهدأ. (الراوية يتابع الأحداث ويعلق عليها من بعيد. في تعليقه سخرية مرة ودعابة مبعثها الإشفاق والحنان. يشارك أحيانا في المشاهد التي يرصدها، فيقوم بأداء دور أو أكثر. على يساره كوخ صغير، أشبه بحظيرة تتخذ لحفظ الأبقار والأحطاب والأخشاب والحشائش، وفيه نافذة صغيرة، كأنها كوة ضيقة في سجن انفرادي تطل على فناء البيت الملاصق له. يقع الكوخ بجانب مسجد قرية يمنية صغيرة. نرى جدار المسجد وبابه الذي يدخل إليه المصلون أو يخرجون منه. شاب على رأسه عمامة، ينظر من نافذة الكوخ ويحدق في الظلام.)
الراوية :
غاضب أنت ... على وجهك آثار السهر،
وعلى ثوبك وعمامتك تراب السفر.
صفحه نامشخص
أتحدق عيناك المتعبتان في الظلام؟
أم تغوصان في بحر النفس المضطربة بالآلام؟
هبطت السهول وصعدت على قمم الجبال،
وعبرت المستنقعات والآكام والتلال.
استرحت قليلا من وهج الشمس في الظهيرة
تحت ظل شجرة عجفاء وحيدة وفقيرة.
ومددت يديك إلى جرابك تلتقط بعض الزاد.
الجوع شديد وفمك ظمآن صاد،
ثم تقوم حزينا وتتابع سيرك.
تتلفت عينك أحيانا للخلف وتدمع.
صفحه نامشخص
يتلفت قلبك يذهب بالشوق ويرجع.
تخطو قدم مسرعة نحو مدينة صنعاء،
وتريد الأخرى أن ترجع للأهل بلا إبطاء.
ها أنت غريب الدار
غريب السفر غريب الفكر.
تتكلم، والكلمات تموت على شفتيك.
تسكت وتلوذ بصمتك أو بالصبر.
انفض همك، حدثني عن مشكلتك.
تعال لننزع شوكتها.
ننزع منها الناب أو الظفر.
صفحه نامشخص
ما زلت تحدق في الظلمة وتناجي الليل.
تبحث عن ضوء القمر الغائب، عن نجم في الأفق يطل،
وتقلب كتبك، تتحسسها في بطن جرابك،
تتلمس فيها الحكمة والنور الضائع والظل.
تضطرم الثورة في نفسك،
يصطرع الغضب مع الذل.
انفض همك، كلمني، قل!
الشاب (يكلم نفسه) :
أحضرت النور إليهم، رفضوه.
عدت إليهم ومعي العلم، فنبذوه.
صفحه نامشخص
الراوية :
عدت إليهم؟ من أين؟
الشاب :
من صنعاء، درست العلم هناك، عكفت عليه سنين،
وقرأت على خير قضاة الشرع، رجال الدين.
حفظت كتاب الله، ختمت القرآن،
وعرفت أصول الدين وأركان الإيمان،
وتمكنت من السنة والفقه وأحكام الإسلام،
بمجالسة الصفوة من علماء الملة والأعلام.
قلت لنفسي حين امتلأ النبع وفاض بمائه:
صفحه نامشخص
فلأرجع للأرض العطشى وأنديها بعطائه.
الراوية :
ماذا تقصد؟ نبع فاض وأرض عطشى؟
هلا وضحت اللغز وفسرت النقشا؟
الشاب :
لا لغز ولا نقش هناك، ولكن شوق وحنين،
ووفاء الواجب نحو الأهل، وتسديد ديون.
الراوية :
أرجعت إلى الألغاز؟
الشاب :
صفحه نامشخص
بل رجعت لي، وتجرعت مرارة يأسي،
غصة عجزي واشمئزازي.
الراوية :
أو لم يفرح بك أهلك، جيرانك، وأبوك وأمك؟
الشاب :
فرح الأب كثيرا، زغردت الأم،
وابتهج الناس وغنوا، والشمل التم.
الراوية :
وأقيمت الزينات، وانطلق الرصاص من البنادق والرشاشات.
الشاب :
صفحه نامشخص
ومدت الموائد وشربت المداعات ومضغ القات.
الراوية :
فلماذا اليأس والمرارة؟ أتؤلمك الذكريات؟
الشاب :
بعد أن انفض السمر بالأحضان والقبلات
ذهبت السكرة وجاءت الفكرة وانكشفت النيات.
الراوية :
لا تقل إن القلوب كانت تضمر
للعائد بعد غياب غير ما تظهر.
هل تخلف أحد عن الحفل أو قصر؟
صفحه نامشخص
هل اختلف المظهر عن المخبر؟
الشاب :
انتظر واصبر،
فسرعان ما يكشف السر والمستتر.
بعد أن ودع الجميع جلست مع أبي.
ثبت عينيه علي طويلا ورحب بي.
الراوية :
أنا أحكي لك ما قال:
أهلا بك يا ولدي، يا زينة الرجال.
الشاب :
صفحه نامشخص
حيا الله وبارك في الصحة والعمر،
وأدام النور بعينيك ومن يدك الخير.
الراوية :
بعد غياب طال عن القرية
هل يرضيك الحال لدينا؟
أم ستحن إلى صنعا؟
الشاب :
سأظل أحن إلى أهلي
ورفاق الدرس وإخواني،
وسأذكر من نور قلبي
صفحه نامشخص
بالعلم وللحق هداني.
قد جئت لأبقى بينكمو،
وأرد الفضل لأصحابه.
الراوية :
حياك الله وبارك فيك.
الشاب :
من سنوات شجعتني على السفر لطلب العلم.
الراوية :
كانت هذه رغبتك فلم أقف في طريقك.
الشاب :
صفحه نامشخص
بل زودتني بالزاد والدعوات،
ولم تضن علي بالمال والخيرات.
وقضيت سنوات شبابي مع الكتب والعلماء،
في دور الله وبيوت الفتوى والقضاء
أطلع وأتناقش وأحقق المذاهب والآراء؛
حتى أصبحت بفضل الله وفضلك ...
الراوية :
الفضل لله يا ولدي.
الشاب :
أصبحت من رجال الشرع والإفتاء،
صفحه نامشخص
وجئت لأقضي بين الناس.
الراوية :
تقضي بين الناس؟
الشاب :
بما حكم الله وسن رسوله.
الراوية :
عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
الشاب :
ولهذا جئت أقيم ميزان الشرع،
وأرد الدين وأملأ الفراغ.
صفحه نامشخص
الراوية :
أي فراغ يا ولدي؟
الشاب :
حكم الشرع الطاهر سيقوم مقام السيف،
والكلمة لقضاة الدين وليست للعرف.
الراوية :
ماذا؟ لست أصدق ما أسمع! صوت ابني هذا؟
الشاب :
بل صوت الحق.
الراوية :
صفحه نامشخص
وفراغ تتحدث عنه،
وكلام عن حكم السيف.
أنسيت أباك وأنكرت العرف؟
الشاب :
أنت الراعي المسئول ونحن قطيع،
شيخ قبيلتنا تأمر والكل يطيع.
أنت أبي وأبونا، رأيك فينا مسموع،
لكن الشرع يحد الحد ويأمر فنطيع.
وإذا ما قال الشرع فمنه القول،
وكل الناس مجيب وسميع.
صفحه نامشخص
الراوية :
لسنا ضد الشرع ولا نتجاهل حكمه.
الشاب :
والحكم لأهل الشرع ومن يعلم علمه.
الراوية :
هل جئت لكي تحكم فينا؟
الشاب :
بل أنفذ حكم الله
برأي هداة الأمة،
من علماء وقضاة وأئمة.
صفحه نامشخص
الراوية :
والعرف القائم، وتقاليد قبيلتنا،
هل ينكرها إلا من ينكر قومه؟
الشاب :
أنا منكم وإليكم.
نبتت من هذا الطين جذوري الحرة،
وارتفعت شجرة علمي وأتيت أقدم لكم الثمرة.
الراوية :
هل جئت لترث أباك وتجحد نعمه!
وتدل عليه بعلمك وتسفه علمه؟
صفحه نامشخص
الشاب :
ما جئت لأرثك، لا لا، ومعاذ الله من النقمة،
والحبة في قاع الوادي، لا تجحد فضل القمة.
جئت أساعدكم.
الراوية :
نحن نساعد أنفسنا.
الشاب :
وقضاياكم؟
الراوية :
نقضي فيها بالعدل.
صفحه نامشخص