هذا ويجدر بنا أن نورد شيئا من التفصيل لما يدخل تحت مسائل العدل وهو: الإيمان بالقضاء والقدر، وإليك ما رواه الشريف الرضي -رحمه الله- في نهج البلاغة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأخرجه ابن أبي الحديد في شرح النهج، كما أخرجه أخيرا واستشهد به الأستاذ إبراهيم المصري، وقد نشره في جريدة (الشهاب ) التي تصدر في بيروت (عدد15/8 شهر ذي الحجة سنة1393ه 1 كانون الثاني سنة 1974م) وهذا نصه:
سأل عليا -كرم الله وجهه- شيخ بعد انصرافه من صفين فقال: أخبرني عن مسيري إلى الشام أكان بقضاء الله وقدره؟ فقال: (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما وطئنا موطئا ولا هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلا بقضاء الله وقدره)، فقال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي ما أرى لي من الأمر شيئا، فقال له: (مه أيها الشيخ عظم الله أجركم في مسيركم وأنتم سائرون، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين)، فقال الشيخ: فكيف ساقنا القضاء والقدر؟ فقال: (ويحك لعلك ظننت قضاء مجبرا، وقدرا قاسرا؛ لو كان ذلك لبطل الثواب والعقاب، والوعد والوعيد، والأمر والنهي، ولم تأت لائمة من الله لمذنب، ولا محمدة لمحسن، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء، ولا المسيء أولى بالذم من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان، وجنود الشيطان، وشهود الزور، وأهل العمى عن الصواب، وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، وكلف يسيرا، ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مستكرها، ولم يرسل الرسل إلى خلقه عبثا، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا {ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار}[ص:27]). انتهى.
صفحه ۵۷