إن في تحمليهم مسؤلية القتل الذي أنهى الأجل بالنسبة لكل قتيل تحديدا أدق لمسؤوليتهم الإجرامية هذه، وإبرازا وتجسيدا لمدى فظاعة الجرم الذي يرتكبونه.
وذلك على العكس من الفكر الجبري الذي يرى في قتل هؤلاء الضحايا في الحروب عامة، قدرا من الله حدث لهم، وقضاء منه حل بهم، عندما استوفوا أجلهم في هذه الحياة.
ثم قال: وإذا كانت هذه هي بعض الأمثلة التي ابتغينا من وراء إيرادها في هذا التقديم، الإشارة لأهمية هذه الرسائل، كتراث فكري عقلي يوصل أكثر القيم إضاءة وإشراقا في عالمنا المعاصر.
وإذا كانت جميع هذه الأمثلة قد جاءت من حديث هذه الرسائل في موضوع (العدل) فإن حديثها عن موضوع (التوحيد) فكر خصب يسعف العقول التي تشيد تصورات فلسفية إسلامية للذات الإلهية والكون والعلاقات بينهما، وتفتح الباب أم التوفيق الموضوعي والمبدئي بين التصورات الفلسفية المعاصرة بخلفياتها العلمية، وبين التصورات الفلسفية المثالية بما خلفها من فكر عميق الجذور في حياة الإنسان، ففي هذه الرسائل تصور توحيدي وتنزيهي وتجريدي للذات الإلهية، يقرب بها من التصور الذي رآها فيه البعض (عقلا، ونظاما، وقانونا ) يدبر الكون ويهيمن عليه ويحكم استمراره ويرعى وجوده، دون أن تكون شيئا ماديا أو يشبه المادة بأي شكل من الأشكال أو صفة من الصفات أو حال من الأحوال). انتهى.
قلت: وحديث الأستاذ عمارة هذا قيم جدا فمن أراده فليراجعه في مقدمة كتاب (رسائل العدل والتوحيد) للإمام الهادي يحيى بن الحسين .
صفحه ۴۵