فأجابهم بعلزبول سائلا: وماذا صنعتم؟ - أنا شيطان الميكانيكيات. - وأنا شيطان توزيع الأعمال. - وأنا شيطان طرق المواصلات. - وأنا شيطان طباعة الكتب. - وأنا شيطان الفنون. - وأنا شيطان الطب. - وأنا شيطان الارتقاء. - وأنا شيطان التربية والتهذيب. - وأنا شيطان إصلاح الناس. - وأنا شيطان التخدير. - وأنا شيطان الجمعيات الخيرية. - وأنا شيطان الاشتراكية. - وأنا شيطان الأنثوية.
قالوا ذلك بصوت واحد وهم يزحفون على ألياتهم متزاحمين إلى الدنو من بعلزبول وقد اختلطت أصواتهم بعضها ببعض.
فصرخ بهم بعلزبول وقال: «لا تتكلموا جميعا، بل فليتكلم كل واحد منكم، وليعتصم بالإيجاز ويبتعد عن الإطناب والإسهاب.» ثم التفت إلى شيطان الميكانيكيات وقال له: أخبرني أنت ماذا تفعل؟
فقال: إني أحرض الناس وأغريهم إلى أنهم كلما عملوا أشياء جديدة وكلما أسرعوا في صنعها، تحسنت معيشتهم وتوفرت لهم أسباب الراحة. وقد جازت حيلتي هذه عليهم فتراهم يهلكون أنفسهم في سبيل اختراع الأشياء الجديدة، وكل يوم يعملون منها عددا كبيرا، بقطع النظر عن أن تلك الأشياء لا تنفع أولئك المرغمين على عملها والاشتغال بها، كما أنها لا تفيد مخترعيها الفائدة المطلوبة. - لقد أحسنت كل الإحسان.
ثم التفت إلى شيطان توزيع الأعمال، وقال له: وأنت ماذا تصنع؟
فأجاب: إني أغريت الناس أن صنع الأشياء لا يتوفر إلا بالآلات التي هي أسرع من الناس في صنعها، ولذلك ينبغي تحويل الناس إلى آلات صماء ليستطيعوا الإسراع في إنجاز الأعمال. وقد انطلت حيلتي عليهم فحولوا الناس إلى آلات وأرغموهم على القيام بالأعمال الشاقة، ومن هنا نتجت الأحقاد والبغضاء والضغائن، بحيث إن الناس المحولين إلى آلات أصبحوا يبغضون محوليهم بغضا شديدا، وعلى استعداد تام في كل آونة إلى الانتقاض عليهم واغتيالهم.
فقال بعلزبول: وهذا حسن أيضا.
ثم التفت إلى شيطان طرق المواصلات وقال له: وأنت ماذا تفعل؟
فأجاب: إني أحرض الناس بأنهم لا يستطيعون الإثراء وجمع الخيرات إلا إذا انتقلوا من مكان إلى مكان بسرعة تشبه سرعة الطير، فأصبح الناس بعد ذلك بدلا من أن يجتهدوا في تحسين معيشتهم في مكانهم يصرفون حياتهم في التنقل من مكان إلى مكان، فيجوبون الأقطار ويطوفون الأمصار ويفتخرون أنهم يقطعون أكثر من 50 ميلا في الساعة.
فأثنى عليه بعلزبول ثناء مستطابا.
صفحه نامشخص