18

والقارئ عندما يقرأ غلاف المسرحية يتبادر لذهنه للوهلة الأولى أن المسرحية تتحدث عن تاريخ «بلقيس» كما جاء في كتب التاريخ وكتب التفاسير، ويظن أيضا أنه سيقرأ عن عرشها الأسطوري، وأحداثها مع هدهد سيدنا سليمان ... إلخ الأحداث التاريخية والدينية المعروفة.

52

ولكن المؤلفة لطيفة لم تأت بأي شيء من هذا، واكتفت فقط باسم «بلقيس»، وبعض مظاهر حكمها وقوتها العسكرية، هذا بالإضافة إلى استخدامها لبعض الأسماء التي لم ترد في تاريخ بلقيس الحقيقي.

وبالرغم من حقيقة تأليف هذه المسرحية في هذا الزمن، إلا أن المؤلفة كتبتها بصورة تتفق مع إمكانيات وظروف جوق السرور من جهة، ومع ظروف وطبيعة العروض المسرحية في أواخر القرن التاسع عشر من جهة أخرى، والنقاط الدالة على ذلك تتمثل في:

الديكور يكاد يتشابه من فصل إلى آخر؛ تخفيضا للنفقات، وهذا بالطبع يتناسب مع إمكانيات جوق السرور كفرقة مسرحية متواضعة، تعرض أعمالها في المسارح والصالات المتواضعة، فالديكور في الفصل الأول عبارة عن (تخت ملوكاني)، وفي الفصل الثاني (صالة ملوكاني)، وفي الفصل الثالث (حديقة الملكة)، وفي الفصل الأخير (السجن).

كثرة الحديث عن الحروب والانتصارات، وتوالي هجوم الأعداء على مملكة بلقيس ... ورغم ذلك لم نر هذه الأحداث تدور على خشبة المسرح تبعا لإرشادات النص، بل وجدنا أقوالا تقال ضمن الحوار؛ لتدل على أن الأحداث تجري خلف الكواليس، وهذا الأسلوب يتناسب أيضا مع الإمكانيات المادية الضعيفة لجوق السرور.

عدد صفحات المسرحية 46 صفحة من القطع الصغير، وهذا يدل على أن زمن عرضها قصير جدا، رغم أنها مكونة من أربعة فصول، وهذا الزمن يتناسب أيضا مع طبيعة عروض جوق السرور ونوعية جمهوره كفرقة متجولة في الأقاليم!

يتميز الحوار بلغته العربية الفصيحة، وكثرة المقاطع الشعرية والغنائية والنثرية ذات الصنعة اللفظية المفرطة في السجع ... وهذا كله من سمات النصوص والعروض المسرحية في القرن التاسع عشر.

وعلى الرغم من قيام لطيفة بتأليف هذا النص المسرحي، إلا أنها وقعت في مزلق عدم منطقية الأحداث، ومنها على سبيل المثال:

حوار الأختين «جوليا، فوديم» (ص10-11) حول حب جوليا لخطيبها فرناس ولهفتها لإتمام الزواج، لا يتناسب مع حوار جوليا لخطيبها وصدها له (ص18، 19، 20) علما بأن هذا الحوار هو أول حوار بين الخطيبين يجده القارئ في نص المسرحية.

صفحه نامشخص