فخرج شمشون وقال جان في نفسه: إني سأذهب هذه الليلة لاختطاف الكنز، وسأصحب معي شمشون، ولا أبالي بجرحي ولو قتلني.
وبعد هنيهة، عاد شمشون إلى الخيمة يصحبه ذلك الفارس الذي سمع وقع حوافر جواده، فدهش جان حين رأى أن هذا الفارس إنما هو الطبيب بالتون.
وكان العرق يسيل من وجه الطبيب وهو يحمل تحت وشاحه شيئا لم يتبينه جان، فقال له الطبيب: إني لم أبت هنا وذهبت إلى كلكوتا، ثم عدت مسرعا منها إليك لأحدثك بشأن خطير.
فأشار جان إلى شمشون أن يخرج وقال له الطبيب والاضطراب باد في عينيه: هل نحن وحدنا الآن؟
قال: كما ترى. - أواثق أنه لا يسمع حديثنا أحد؟ - كل الثقة. فقل يا سيدي ما تشاء.
فنظر إليه الطبيب نظرة الفاحص وقال له: قل لي يا بني، هل أنت من أهل المطامع؟ - إن لي مطامع أبناء الملوك. - وهذه الأطماع أهي لخدمتك وخدمة قبيلتك؟ - ثق أنه متى أصبحت ملكا على طائفة النور لا يعودون يرسفون بقيود الذل ولا يطردون عن الأبواب طرد الكلاب. - إذن أصغ إلي يا بني، وافترض أنهم أخذوا من طائفتكم غلاما يتراوح عمره بين الثالثة والرابعة، وأنهم جعلوه ابن لورد عظيم، وأن هذا الغلام الذي ولدته أمه النورية في البراري سيجلس يوما في مجلس أعيان المملكة ويجادل في شئونها زملاءه اللوردية العظام.
فقال له جان: ألعلك تهزأ بي يا سيدي وأنت تعلم أن هذا الافتراض محال؟ - ولكن هب أن هذا الافتراض أصبح حقيقة.
فبرقت عيناه كنجمين يضيئان في سماء مظلمة وقال: إنه إذا حدث ذلك فإني أسفك دمي في سبيل خدمة هذا الغلام، وأتمنى له أن يكون أعظم عظيم في بلاد الإنكليز. - إذن، فاعلم أني قادم إليك لأخبرك أن هذا الافتراض الذي افترضناه ممكن الحدوث. - كفى بربك يا سيدي؛ فإنك تضل صوابي.
فأخرج الطبيب من تحت وشاحه ذلك الشيء الذي كان يخفيه ووضعه على الفراش، وكان ملتفا بقطعة من القماش؛ فأزاح القماش، وظهرت من تحته جثة طفل، فصاح جان قائلا: ويلاه ما هذا ... ابن أختي سينتيا؟
فهز الطبيب رأسه وقال: كلا. ليست هذه جثة ابن أختك فإنه في أتم عافية، ولكن الشبه عظيم، حتى إنك خدعت به لأول وهلة كما ستخدع إنكلترا بجملتها. أتعلم من هو والد ابن أختك؟
صفحه نامشخص