وكان ابن الملك يتردد عليها، ويسليها، فتجد لكلامه تأثيرا عظيما إلى يوم دخول ملك «بابل» على والده، فدخل عليها وأخبرها بالقصة كما هي، وقال: ها نحن نستعد لحرب الملك «كورش».
فلما سمعت «مندان» هذا الكلام برقت أسرتها، وقالت: ومتى جاء هذا الملك؟ ومتى كانت الحرب بينه وبين ملك فارس؟
قال: منذ بضعة أشهر، أما مجيئه فلم يتجاوز الأربعين يوما؛ لأنه كان أسيرا تحت قبضة الملك «كورش» فتحايل وهرب من ...
فبكت «مندان» فاندهش «ألفونك»، وقال: ما يبكيك يا سيدتي، وأنا لم أقل إلا خيرا؟!
فنظرت إليه وقالت: ألم تعلم من هو كورش؟
قال: كلا، ولكني أعلم أنه ملك فارس.
فزادت «مندان» في النحيب حتى تحير «ألفونك»، وندم على ما فرط منه، وظن أنه فكرها ببلادها وأيام عزها، فقال: يا مولاتي أطلب عفوك؛ لأني أسأت لك بذكرى هذا الخبر.
قالت: لا والله بل أحسنت إلي، وإني أخبرك ما سبب هذا الإحسان، وهو أنك تبشرني بظهور ولدي وجلوسه على سرير أبيه .
قال: هل هو بلغ سن الرشد حتى يملك مكان أبيه؟
قالت: «أنا صار لي في هذا المكان عشرين سنة، وهذا سن ولدي «كورش»، وأن الله أرسل ملك «بابل» إلى هنا ليكون بشيرا لي بقرب اللقاء.» ثم بكت بكاء مستمرا، وقالت: ليت شعري ما فعل الدهر بأبي!
صفحه نامشخص