واعلم يا بني: أن مخآلة الرعاع والأوباش والأوغاد، ربما آل بالطبع الحسن إلى الفساد، غير أن المغرس إذا كان كريما، والفرع محضا صميما، أيقظ المرء عن سنته، ورده إلى أوليته، ومحض من العلل درن غريزته، ومن ريض ولا غريزة له بأدب سلس ثم رجع إلى الحران ودحض به عن الاستقامة القدمان، وقلما انفردت غريزة من عقل ولا عقل من غريزة، فمن طبع على واحد منهما كان الآخر له لاحقا، ومن خلا من واحد منهما كان الآخر له مفارقا، ومن ألان جناحه للمخاشن، وجعل وجهه بسطا للملاين، وألقى مقوده إلى المحاسن، فقد ارتقى في ذروة المكارم، واستعين به على العظائم، واقترف الحمد من المباعد والملائم .
صفحه ۲۰۵