مخارج در حیل
المخارج في الحيل
ناشر
مكتبة الثقافة الدينية
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
وأما السنة فما روى أن رسول الله ﷺ قال يوم الأحزاب لعروة بن مسعود في شأن بني قريظة: فلعلنا أمرناهم بذلك، فلما قال له عمر ﵁ في ذلك قال ﷺ: "الحرب خدعة" وكان ذلك منه اكتساب حيلة ومخرج من الإثم بتقييد الكلام بـ"لعل" ولما أتاه رجل وأخبره أنه حلف بطلاق امرأته ثلاثًا أن لا يكلم أخاه قال له طلقها واحدة فإذا انقضت عدتها فكلم أخاك ثم تزوجها، وهذا تعليم الحيلة، والآثار فيه كثيرة.
ومن تأمل أحكام الشرع وجد المعاملات كلها بهذه الصفة، فإن من أحب امرأة إذا سأل فقال ما الحيلة لي حتى أصل إليها؟ يقال له تزوجها، وإذا هوى جارية فقال ما الحيلة لي حتى أصل إليها؟ يقال له اشترها، وإذا كره صحبة امرأته فقال ما الحيلة لي في التخلص منها؟ قيل له طلقها، وبعدما طلقها إذا ندم وسأل الحيلة في ذلك قيل له راجعها، وبعدما طلقها ثلاثًا إذا تابت من سوء خُلقها وطلبا حيلة قيل لهما الحيلة في ذلك قيل له راجعها، وبعدما طلقها ثلاثًا إذا تابت من سوء خُلقها وطلبا حيلة قيل لهما الحيلة في ذلك أن تتزوج بزوج آخر ويدخل بها.
فمن كره الحيل في الأحكام فإنما يكره في الحقيقة أحكام الشرع، وإنما يقع مثل هذا الاشتباه من قلة التأمل، فالحاصل أن ما يتخلص به الرجل من الحرام أو يتوصل به إلى الحلال من الحيل فهو حسن، وإنما يكره من ذلك أن يحتال في حقٍّ لرجل حتى يبطله، أو في باطل حتى يموهه، أو في حق يدخل فيه شبهة، فما كان على هذا السبيل فهو مكروه، وما كان على السبيل الذي قلنا أولًا فلا بأس به، لأن الله تعالى قال: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ففي النوع الأول معنى التعاون على البر والتقوى، وفي النوع الثاني معنى التعاون على الإثم والعدوان.
إذا عرفنا هذا فنقول: بدأ الكتاب بحديث عبد الله بن بريدة ﵁ قال سئل رسول الله ﷺ عن آية من كتاب الله تعالى فقال ﷺ للسائل لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بها، فقام رسول الله ﷺ فلما أخرج إحدى رجليه من
1 / 94