وما سوى ذلك من المسألة فإنما هو سحت أكله صاحبه سحتًا (١) ".
ولم يكن في الصحابة لا أهل الصفة ولا غيرهم من يتخذ مسألة الناس والإلحاف بالمسألة بالكدية والمشاحذة - لا بالزنبيل ولا غيره - صناعة وحرفة بحيث لا يبتغي الرزق إلا بذلك، كما لم يكن في الصحابة أيضًا أهل فضول من الأموال يزكون لا يؤدون الزكاة ولا ينفقون أموالهم في سبيل الله ولا يعطون في النوائب بل هذان الصنفان الظالمان المصران على الظلم الظاهر من مانعي الحقوق الواجبة والمعتدين حدود الله في أخذ أموال الناس كانا معدومين في الصحابة المثني عليهم.
فصل: من توهم أن أحدًا من الصحابة أهل الصفة أو غيرهم أو التابعين أو تابع التابعين قاتل مع الكفار أو قاتلوا مع النبي ﷺ أو أصحابه أو أنهم كانوا يستحلون ذلك أو أنه يجوز ذلك فهذا ضال غاو بل كافر يجب أن يستتاب من ذلك فإن تاب وإلا قتل " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا ".
بل كان أهل الصفة ونحوهم كالقراء الذين قنت النبي ﷺ يدعو على قتلهم هم من أعظم الصحابة إيمانًا وجهادًا مع رسول الله ﷺ ونصرًا لله ورسوله كما أخبر الله عنهم بقوله: " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا وينصرون لله ورسوله أولئك الصادقون ". وقال: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار " وقال: " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف
_________
(١) لفظ الحديث في صحيح مسلم " يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من
عيش - ورجل أصابته فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال سدادا من عيش - فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا"
1 / 32