ربك ونحو ذلك فهذا مما لا يستريب عالم أنه غير جائز وأنه من البدع التي لم يفعلها أحد من سلف الأمة وأئمتها، وإن كان السلام على أهل القبور جائزًا ومخاطبتهم جائزة كما كان ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور وأن يقول قائلهم: " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ".
وقال ابن عبد البر: ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: " ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد ﵇ ".
وفي سنن أبي داود عن النبي ﷺ أنه قال: " ما من رجل مسلم سلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد ﵇ ". لكن ليس من المشروع أن يطلب من الأموات شيئًا.
وفي الإمام مالك (١): أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبي " ثم ينصرف.
وكذلك أنس بن مالك وغيره من الصحابة ﵃، نقل عنهم السلام على النبي ﷺ فإذا أرادوا الدعاء استقبلوا القبلة يدعون الله تعالى لا يدعون وهم مستقبلوا القبر الشريف. وإن كان قد وقع في ذلك بعض الطوائف من الفقهاء والمتصوفة ومن العامة من لا اعتبار بهم فإنه لم يذهب إلى ذلك إمام متبع في قوله ولا من له في الأمة لسان صدق. بل قد تنازع العلماء في السلام على النبي ﷺ فقال أبو حنيفة: يستقبل القبلة ويستدبر القبر، وقال مالك والشافعي بل يستقبل القبر وعند الدعاء يستقبل القبلة ويستدبر القبر، ويجعل القبر عن يساره أو يمينه وهو الصحيح إذ لا محذور في ذلك.
الثالث: أن يقول: أسألك بجاه فلان عندك أو بحرمته ونحو ذلك، فهو الذي تقدم عن أبي محمد أنه أفتى بأنه لا يجوز في غير النبي ﷺ، وأفتى أبو حنيفة وأبو يوسف وغيرهما أنه لا يجوز في حق أحد من الأنبياء فكيف بغيرهم، وإن كان بعض المشايخ المبتدعين يحتج بما يرويه عن النبي ﷺ أنه قال: " إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور " أو قال: " فاستغيثوا بأهل القبور "
_________
(١) كذا بالأصل ولعلها وفي (موطأ الإمام مالك الخ)
1 / 23