مجموعة الرسائل والمسائل
مجموعة الرسائل والمسائل
ناشر
لجنة التراث العربي
بلا رجل فخلق حواء من رجل بلا امرأة أعجب من ذلك فإنه خلق من بطن امرأة وهذا معتاد بخلاف الخلق من ضلع رجل فإن هذا ليس بمعتاد فما من أمر يذكر في المسيح ﷺ إلا وقد شركه فيه أو فيما هو أعظم منه غيره من بني آدم.
فعلم قطعًا أن تخصيص المسيح باطل وأن ما يدعى له أن كان ممكنًا فلا اختصاص له به وإن كان ممتنعًا فلا وجود له فيه ولا في غيره ولهذا قال هؤلاء الاتحادية أن النصارى إنما كفروا بالتخصيص وهذا أيضًا باطل فإن الاتحاد عموم وخصوص والمقصود هنا أن تشبيه الاتحادية أحدهم بالظل المستحيل يناقض قولهم بالوحدة، وكذلك قول الآخر:
أحن إليه وهو قلبي وهل يرى ... سواي أخو وجد يحن لقلبه
ويحجب طرفي عنه إذ هو ناظري ... وما بعده إلا لإفراط قربه
هو مع ما قصده به من الكفر والاتحاد كلام متناقض فإن حنين الشيء إلى ذاته متناقض ولهذا قال وهل يرى أخو وجد يحن لقلبه؟ وقوله: وما بعده إلا لإفراط قربه، متناقض فإنه لا قرب ولا بعد عند أهل الوحدة فإنها تقتضي أن يقرب أحدهما من الآخر والواحد لا يقرب من ذاته ويبعد من ذاته.
وأما قول القائل: التوحيد لا لسان له والألسنة كلها لسانه - فهذا أيضًا من قول أهل الوحدة وهو مع كفره قول متناقض فإنه يعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن لسان الشرك لا يكون له لسان التوحيد وأن أقوال المشركين الذين قالوا: " لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا " والذين قالوا: " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " والذين قالوا
1 / 109