وزعمت أيضا أن البنوى خراساني، وأن نسب الأبناء: نسب آبائهم، وأن حسن صنيع الآباء، وقديم فعال الأجداد هو حس الأبناء. وأن الموالي بالعرب أشبه، وإليهم أقرب، وبهم أمس؛ لأن السنة جعلتهم منهم. فقلت: إن الموالي أقرب إلى العرب في كثير من المعاني؛ لأنهم عرب في المدعى، وفي العاقلة، وفي الوراثة. وهذا تأويل قوله مولى القوم منهم ومولى القوم من أنفسهم، " والولاء لحمة كلحمة النسب " وعلى شبيه ذلك صار حليف القوم منهم، وحكمه حكمهم، فصار الأخنس بن شريق وهو رجل من ثقيف، وكذلك يعلى بن منية وهو رجل من بلعودية، وكذلك خالد بن عرفطة وهو رجل من عذرة من قريش. وبذلك النسب حرمت الصدقة على موالي بني هاشم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أجراهم في باب التنزيه والتطهير مجرى مواليهم. وبذلك السبب قدم النبي صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب على بني عبد شمس، وقرابتهم سواء ونسبهم واحد، للعقد المتقدم، وللأيدي المتفقة.
وقال صلى الله عليه وسلم: " منا خير فارس في العرب: عكاشة بن محصن "، فقال ضرار بن الأزور الأسدي: ذاك رجل منا يا رسول الله. قال: " بل هو منا بالحلف ". فجعل حليف القوم منهم، كما جعل بن أخت القوم منهم.
ثم زعمت أن الأتراك قد شاركوا هؤلاء القوم في هذا النسب، وصاروا من العرب بهذا السبب، مع الذي بانوا به من الخلال، وحبوا به من شرف الخصال.
صفحه ۱۳