فلما فرغ القوم جميعا من حججهم، قال الرسول: قد قال القوم فقل واكتب قولك، وليكن حجة لك أو عليك. قال: بل ألقى مائة خارجي أحب إلي؛ لأنني وجدت الخصال التي يفضل بها الخارجي جميع المقاتلة غير تامة في الخارجي، ووجدتها تامة في التركي. ففضل التركي على الخارجي بقدر فضل الخارجي على سائر المقاتلة، ثم بان التركي عن الخارجي بأمور ليس فيها للخارجي دعوى ولا متعلق. على أن هذه الأمور التي بان بها التركي عن الخارجي، أعظم خطرا وأكثر نفعا، مما شاركه الخارجي في بعضها.
ثم قال حميد: والخصال التي يصول بها الخارجي على سائر الناس صدق الشدة عن أول وهلة، وهي الدفعة التي يبلغون بها ما أرادوا، وينالون الذي أملوا.
والثانية: الصبر على الخبب وعلى طول السرى، حتى يصبح القوم الذين مرقوا بهم غارين فيهجموا عليهم وهم بسوء، ولحم على وضم، يتعجلونهم عن الروية، وعن رد النفس عن النزوة والجولة، لا يظنون أن أحدا يقطع في ذلك المقدار من الزمان ذلك المقدار من البلاد.
صفحه ۴۱