============================================================
175
ما صنعوا قالت عائشة ولولا ذلك لا برز قبره ولكن كره ان يتخذ مسجدا وقال ان من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد الا فلا تتخذوا القبور مساجد فانى آنها كم عن ذلك ولا نزاع بين السلف والائمة فى النهى عن اتخاذ القبور مساجد ومعلوم ان المساجد بيت الصلاة والذكر وقراءة القرآن فاذا اتخذ القبر لبعض ذلك كان داخلا في النهي فاذا كان هذا مع كونهم يقرأون فيها فكيف اذا جعلت المصاحف بحيث لا يقرأ فيها ولا ينتفع بها لاحى ولا ميت فان هذا لا نزاع فى النهى عنه ولو كان الميت ينتفع بمثل ذلك افعله السلف فانهم كانوا أعلم بما يحبه الله ويرضاه واسرع الى فعل ذلك وتحريه * وأما استفتاح القال فى المصحف فلم ينقل عن الساب فيه شيء وقد تنازع فيه المتأخرون وذكر الفاضي أبو يعلى فيه نزاعا ذكر عن ابن بطة انه فعله وذكر عن غيره انه كرهه فان هذا ليس الفال الذي يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه كان يحب الفال ويكره الطيرة والفال الذي يحبه هو ان يفعل أمرا أو يعزم عليه متوكلا على الله فيسمع الكلمة الحسنة التى تسره مثل ان يسمع يا نجيح يا مفلح ياسعيد يا منصور ونحو ذلك كما لقى فى سفر الهجرة رجلا فقال ما اسمك قال يزيد قال يا أبا بكر يزيد امرناء وأما الطيرة بان يكون قد فعل أمرا متوكلا على الله أو يعزم عليه فيسمع كلمة مكروهة مثل ما يتم أو مايفلح ونحو ذلك فيتطير ويترك الامر فهذا منهي عنه كما فى الصحيح عن معوية بن الحكم السلمى قال قلت يا رسول الله منا قوم يتطيرون قال ذلك شي يجده أحدكم فى نفسه فلا يصدنكم فنهى النبى صلى الله عليه وسلم ان تصد الطيرة العبد عما أراد فهو فى كل واحد من محبته للفال وكراهته للطيرة انما يسلك مسلك الاستخارة لله والتوكل عليه والعمل بما شرع له من الاسباب لم يجعل الفال آمرا له وباعثا له على الفعل ولا الطيرة ناهية له عن الفعل وانما يأتمر وينتحى عن مثل ذلك أهل الجاهلية الذين يستقسمون بالازلام وقد حرم الله الاستقسام بالازلام في آيتين من كتابه وكانوا اذا أرادوا أمرا من الامور أحالوا به قداحا مثل السهام أو الحصى أو غير ذلك وقد علموا على هذا علامة الخير وعلى هذا علامة الشر وآخر غفل فاذا خرج هذا فعلوا واذا خرج هذا تركوا واذا خرج الغفل أعادوا الاستقسام فهذه الانواع التى تدخل فى ذلك مثل الضرب بالحصى والشعير واللوح والخشب والورق المكتوب عليه حروف أبجد أو أبيات من الشعر أو نحو ذلك مما يطلب به الخيرة فما يفعله الرجل ويتركه ينهى عنها لانها من باب الاستقسام
صفحه ۱۹۵